سام برس
تجريدية باذخة للقول بالجديد حيث الجسد والوجه في تعدد أحوالهما بدلالات فنية جمالية فيها الكثير من الألم والأمل و الحركة..

شمس الدين العوني

الفن هذا الآخذ بالمهج على عبارة ابن الفارض " وخُذْ بقيّةَ ما أبقَيتَ من رمَقٍ...لا خيرَ في الحبّ إن أبقى على المُهجِ " ..كالحب تماما..هي سفرة مفتوحة على الدهشة و الأسئلة..و هي فتنة الكائن في حله و ترحاله لا يقنع بغير ما هو عميق و أخاذ و باذخ...

في هذه البقعة من الفن التي نسمبها الرسم و التشكيل يقيم صاحبنا من سنوات غير عابئ بالعابر و المألوف و السهل حيث الفكرة لديه ضرب من الذهاب عاليا و بعيدا في أكوان التلوين المفرط في لولبية حيرته و بحثه الجميلين في حالات من التجلي البصري و الجمالي ..

ها هو يأخذنا طوعا و كرها الى جنان شغفه الفني و بساتين أعماله و أشكالها المتعددة من دائرية و مستطيلة و مربعة و في تلبس بالعمل الفني و مقتضياته من خلال البرفورمانس بصحبة الموسيقى و مسرحة العملية الفنية لحظة التعاطي مع المتلقي و الجمهور ...و هس ضروب من مسارات الفن الانساني و مبتكراته من سنوات وفق تلوينات الفن المعاصر في هذا العالم المتحرك و المتغير في شؤونه و شجونه المربكة و لكن المولدة أيضا لحالات ابداعية و بأشكال وافدة و جديدة و قديمة أيضا... نمضي اذن مع صاحبنا الفنان الذي يأخذنا الى عوالم فنه و هو المسكون به يحمله الى عواصم شتى من مدن زارها مقترحا ألوانه الملائمة و تشكلات حالها و أحوالها..

مراد الحرباوي ..عرفته منذ بداياته فنانا متقدا كالجمر ..لا يهدأ له بالما دام في تواصله اليومي مع القماشة يقض مضجعه السؤال ...سؤال الابداع و الامتاع صلب العمل الفني منذ مباشرته الأولى وصولا الى نهاياته ليظل السؤال مفتوحا على اللوحة الموالية ...و هكذا..

نبتت خطاه الأولى بجهة بالشمال الجميل حيث تابع دراسته لينتقل بعد سنوات الى الساحل ليبدأ رحلته و هو المتشبع بمشاهد الحرفيين و الحرفيات في شؤون السداية و الصوف لتتشكل لديه بوادر النظر و الفن و النظر الفني عموما ...باشر نوادي الفنون و الأنشطة بدور الثقافة و مع الشبيبة المدرسية ثم سافر بعد سنوات الى الخارج ليشهد عوالم أخرى يعود بعدها ليتلقى تربصات و تكوينا في الفن بمركز الفن برادس ..

و خلال سنة 1994 كان نشاطه بصالون الفن يحيى بشارع محمد الخامس و جاءت تجربته للاقامة بحي الفنون بباريس التي أكسبته تجربة مختلفة ثم تعددت مشاركاته في المعارض و فعاليات الفنون بالمرسى و المحرس و نال عددا من الجوائز الى جانب التكريمات و تحولت بعض أعماله الفنية الى منسوجات في باو بيسون عاصمة الزربية العالمية و هو ما زاد في التعريف به ..

كان ببلدته سليانة التي عادها و ذلك بمناسبة عشرية مجلتها الشهيرة " الاتحاف " لباعثها الاديب المرحوم عبد القادر الهاني و أقام معرضا لفائدة مقيمي قرية sos متبرعا بلوحات هذا المعرض و كان هذا المعرض متبوعا بسهرة موسيقية للفنان نصير شما في سهرة المهرجان الصيفي بالجهة...ليعود سنة 1996 الى سليانة لينجز عددا من البورتريهات باللايف...و هاهو يعود اليوم ضمن فعالية عن الفنون و هو ضيفها المبجل في اعداد و تنظيم و اشراف من قبل مندوبية الشؤون الثقافية .

منذ بداياته و في أعماله تلك برزت موهبته النابعة من فطنة شاب خبر طرق الابداع الفني ليجعل من صلته باللون و الشكل و الفضاء المكون للعمل علاقة مخصوصة عمل على بثها على القماشة ليقول ذاته المفعمة بالحركة و القلق و الجمال المبطن لتخرج اللوحة و كأنها حالة وجد من الكينونة...كينونة مراد الحرباوي..في لوحاته الكبيرة و التي منها المستديرة والمربعة والمثلثة سعى مراد الفنان للقول بالجديد مشيرا الى الجسد و الوجه في تعدد أحوالهما و بدلالات فنية جمالية فيها الكثير من الألم و الأمل و الحركة..

تنوعت معارضه و كنت متابعا لها و خاصة معرضه الأخير برواق الفنون "كاليستي " الأنيق بضاحية سكرة لصاحبته سندة بن خليل...كانت الأشكال متنوعة لكن الفكرة الفنية من حيث التعاطي اللوني منصبة على قول اعتمالات مراد التي عرف بها ليكون العرض الجمالي في هذه التجربة مشيرا و دالا الى عالم الفنان مراد الحرباوي في ضروب فنه و تلويناته المختلفة و التي يقف الزائر قدامها طويلا...في المعرض أيضا وجدنا لوحات الفنان مراد الحرباوي الزيتية والتي تذهب في تجريديتها الباذخة قولا بسلطة الألوان وتعدد المعنى...الحرباوي من مواليد (1970) و قد تعددت معارضه و مشاركاته الفنية بتونس و بعدد من البلدان العربية و الأوروبية ..فنان يحاول ساعيا تجاه الفن بما هو سؤال قائم و متحول و مفتوح..و ها هو يواصل التجربة...و المسار.

و في هذا السياق تكرمه بلدته سليانة لتكون الدورة باسمه "دورة الفنان مراد الحرباوي " في يوم احتفائي به و ذلك خلال يومي السبت و الأحد 7و8 جويلية الجاري ضمن فعاليات الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بدور الثقافة باشراف و اعداد من قبل المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بسليانة و ذلك بالمركب الثقافي بسليانة .

حول الموقع

سام برس