بقلم/ يحيى يحيى السريحي
إنشغل الناس حول العالم بتلك المناظرة بين شخصين أقل ما يمكن نعتهما بالأحمقين ، فقد بلغا من العمر عتيا ، ولم يعد بمقدورهما حمل أنفسهما على الوقوف دون مساعدة الآخرين  ناهيك عن المشي والكلام ، أما التفكير والتخطيط وادارة شئون الدولة فذلك عليهما بالمستحيل ، واهتمام الناس بمتابعة المناظرة وما بعدها لمكانة أميركا بوصفها ( كانت ) أقوى قوى الشر لمائة عام ماضية ، وكلنا يعلم ما خلفتة أمريكا من دمار وقتل وسلب ونهب لكثير من الدول خلال تزعمها العالم إبان مائة عام تقريبا، فقد جثمت على صدر العالم وتحكمت فيه لقرن من الزمان ، وباتت كثير من شعوب العالم الذين تعرضوا للاضطهاد والظلم الامريكي يكنون لرؤساء أمريكا المتعاقبين الضغينة والحقد الشديد ، والمحزن أن الناس لا يريدون تصديق أن أمريكا اليوم غير أمريكا قبل عشر سنوات وعشرين سنة ماضية ، فأمريكا اليوم لم تعد تلك الفزاعة التي تخيف الدول والناس ويعمل لها ألف حساب ، فقد خرت قواها ، وأضحت اليوم أشبه برجل أوربا المريض ( الدولة العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر ) ، والمتعارف علية أن ضعف وقوة أي دولة من ضعف وقوة رئيسها ، وهناك من يرى أن الاهتمام بتلك المناظرة يرجع كونها المرة الأولى في التاريخ الامريكي التي يظهر فيها أحد طرفي المناظرة وكأنه خيال مآتة ( بايدن ) ، فقد بدا بايدن شبه محنط وجامد ،  متلعثم في الكلام ، وشارد الذهن ومتردد ، وواجم في بعض الأحيان ، وهو ما جعل قيادات مهمة في الحزب الديمقراطي تصف المناظرة بـالكارثة وتسعى لإيجاد بديل عن بايدن حتى لا يخسر الحزب قواعده الشعبية ، فضلا عن خسارة الانتخابات الرئاسية المقبلة في نوفمبر (تشرين الثاني) ، والسؤال المهم الذي يفرض نفسه بعد تلك المناظرة ليس عن مستقبل أميركا، بل كيف استطاع شخص مثل بايدان وهو بتلك القدرات المهزوزة أن يكون رئيس أميركا لأربع سنوات ماضية؟ وكيف أن الصراع غير المسبوق داخل أميركا قد دفعها لانتخاب شخص غير قادر فعليا على القيادة؟

وفي المقابل كان أداء دونالد ترامب سيئاً أيضا ، وترامب أن فاز برئاسة أمريكا مرة أخرى سيكون شغلة الشاغل هو الانتقام من خصومة والثأر لكرامتة التي بعثرها أولئك الخصوم بعد خسارتة الانتخابات السابقة وفوز بايدن علية ، وقد خبر العالم أثناء تولي ترامب رئاسة أمريكا بأنه رئيس متهوّر ، وخارج على السلوكيات العامة ، ويرى كثير من المحللون والمختصون بالشأن الأمريكي أن أمريكا في حقيقتها الراهنة اليوم تحتضر ، وهي مقدمة مؤكدة لتلاشيها وقيادة العالم ، وتعيش مرحلة من أسوأ أزماتها السياسية والاقتصادية والعسكرية ، كما أن أكثر ما لفت انتباه المتابعين لتلك المناظرة أن كلا من ترامب وبايدن كانا على حق في الاتهامات التي وجهها كل منهما إلى الآخر ، وأن الأساس في التهم المتبادلة صحة بايدن البدنية ، وصحة ترامب النفسية ، وأن لذلك علاقة بالأمن القومي ، وبصحة أميركا العامة ، الغريب أن ديمقراطيي العرب في بلداننا العربية أو داعمي الحزب الديمقراطي الأميركي من عرب أمريكا ، ملوثون فكريا وثقافيا وسياسيا بالايدلوجيات الامريكية وذلك جلي من حالة التعصب الاعمى للحزب الديمقراطي !

مع أنه لا يوجد ما يمكن تسميته بالقضايا العربية في السياسة الخارجية الأميركية ، وليس لهم من مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في فوز الديمقراطيين ! ولا ننكر أننا نحن العرب مختلفون فيما بيننا تجاه غالبية قضايانا المختلفة ، ولعل هذا سبب من أسباب فشل جامعة الدول العربية التي بنيت منذ إنشائها على أساس توحيد المواقف وهذا مستحيل ، أخيراً فانتخابات أمريكا للأمريكيين، وما يهمنا منها هو مصالح دولنا واستقرارها .

حول الموقع

سام برس