بقلم/ احمد الشاوش
يبدو ان اليمن تعرض لزلزال دمر الاخلاق والقيم السامية وان المشهد اليوم فظيع والسواد الاعظم من اليمنيين فقدوا القيم ومكارم الاخلاق بعد ان أصبح المال هو قبلة البعض ، الذي جعلهم يتجردوا عن الضمير وتحويل اليمن السعيد الى غابة تحت عناوين صليت لك تقرب ، ونغمات الحداثة والمعاصرة ، والحكم الرشيد ، وشرع من قبلنا .
والحقيقة التي لاجدال فيها اليوم ان المجتمع اليمني بحاجة الى تربية قبل التعليم .. تربية للكبير قبل الصغير .. تربية للرئيس والمرؤوس .. للتاجر ورجل الاعمال .. للشخ والقبيلي .. للعالم والخطيب ، والسياسي والنُخب ، والاحزاب والجماهير ، والاطفال والشباب والفتيات.
ماحصل في اليمن هو اننا انقلبنا على القيم السامية ودمرنا ماتبقى من مكارم الاخلاق نتيجة للجهل والفوضى الهدامة والمشاريع والاجندات المشبوهة وسقوط النُخب التي تحولت الى أدوات ومشاريع للهدم والدمار وصناعة الفوضى الخلاقة.
هدمنا القيم والاخلاق والدين تحت نار التعصب وبكل وقاحة وسذاجة مارسنا فنون التظليل والتطبيل ، والغينا الدستور ، وضربنا بالقوانين عرض الحائط ،وتنكرنا للاعراف والاسلاف والتقاليد وخلخلنا المجتمع وحولنا القبائل الاصيلة الى قطاع طرق وباحثين عن غزوات ومعارك وهمية واستحلال المدن من اجل السيطرة على المال والعقارات وحماية السلطة والسلاطين .
مارس الكثير من قياداتنا وخدام خدام الجرافي أبشع أنواع الاحتيال والنصب والتدليس والاستغلال والترهيب والترغيب والارهاب والتبعية والارتزاق على الهواء مباشرة ، دون خجل..
دمرنا الدولة والمؤسسات والجيش وهربنا الاموال والثروات وبنينا الابراج وانشأنا الشركات والمصارف والبنوك .. نهبنا المواطن وافقرنا الاسرة وفلسنا بالمجتمع وهجرنا العقول وبعنا الارض والسماء وعرضنا السيادة والدولة والثروة في مزاد علني للسفارات وللدول الاقليمية والدولية مقابل مرتبات بالدولار وشقق وغرف وشاليها فندقية وفاتنات وجلسات انس وصور بدون هدوم بعنا الوطن .
بعنا انفسنا لامريكا وبريطانيا واسرائيل والسعودية والامارات وسلطنة عمان وايران وقطر وتركيا ، ومستعد البعض لبيع كل شيء في مقابل نزواته واهوائه وملذاته في ظل صمت الشعب وغياب المحاسبة والنُخب الشريفة.
تآمرنا على بعضاتنا البعض ، وزرعنا بذور الفتنة في كل بيت وحي ومدينة وقرية وشارع ومسجد ومؤسسة ومعسكر وسفارة ومنبر ثقافي تحت عناوين المزايدة ويمن اعلى ويمن أسفل وقناع الامامة والجمهورية والملكية ونغمات الزيدية والشافعية والوهابية والاخوانية والماركسية والاشتراكية والبعثية والناصرية والتقدمية.
وتحت جلباب السنة والشيعة واليهودة والحكم الرشيد ، وامامي وهاشمي واسماعيلي وعفاشي وداعشي وقاعدة وحراك شبواني وتهامي ومهري ودولة الجنوب سقطت اليمن بعد ان تم الهاء الحكام بالكراسي والغرف الفندقية والارصدة والثروات ، والمواطن بالجوع والفقر والمرض والبطالة والصراع العبثي لم تقم له قائمة .
قتلنا الضمير وماتبقى من القيم والحياء والكرامة والشجاعة والغيرة والتكافل والامن والاستقرار والسلام ، واحيينا قيم الموت والدمار والدماء والهدم وتسابقنا على صياغة التقارير للسفير الفلاني والمخبر العلاني وصناعة سياسة التجويع والافقار والتشتت والانقسام والخيانة والتآمر والاستقواء بالغرب والشرق تحت أقنعة الدين والمذاهب والاحزاب والنظريات المدمرة.
عجزنا عن تربية أطفالنا الذين في عمر الزهور.. اطفال بلا أدب ولا اخلاق ولا مدارس ولا كُتب ولا تربية ولا تعليم .. مساجد بلا مصلين الا ماندر بسبب الخطاب الديني المؤدلج والمُرعب والصادم والاعلام الكاذب.
مؤسسات بلا موظفين بسبب عد صرف رواتب وعمال عاطلين ومستشفيات بلا اطباء وشركات بلا مهندسين واقتصاد منهار وجمارك وضرائب واتاوات تقط المسمار حتى صار التاجر قاب قوسين او ادنى من الافلاس والهلوسة.. ورغم ذلك الجميع يبحث عن دولة التسامح والتعايش والامن والاستقرار وعودة البيت اليمني الآمن ، بينما تجار الخروب يغردون في وادي آخر..
شاهد الحال ان السواد الاعظم من الكفاءات اليمنية على ابواب مستشفى ازال لاستكمال أجراءت الفحص الطبي والبحث الجنائي ووزارة المغتربين للفوز بفرصة عمل أو اللجؤ والسفر الى السعودية ودول الخليج وبريطانيا وامريكا واوروبا وروسيا بحثاً عن وظيفة وعمل بشرف لتأمين لقمة العيش ، بينما زعماء ورؤسا وامراء الحرب في اليمن يعبثون بثرواته وامواله ورجاله وعاجب لهم الوضع والعكننة على المواطن.
والاغرب من ذلك ان الكثير من اليمنين دفن قيم الامانة والصدق والشهامة والقبيلة والمدنية وتحول الكثير منهم الى مليشيات وجماعات وادوات مناصرة بالمجان لتنفيذ اجندات الغرب والشرق كزعماء ورؤساء وقادة وسياسيين ونُخب وعلماء ومثقفين واعلاميين تحت يافطات دينية وقروية وثقافية ومدنية وتقدمية أدخلت الشعب اليمني ليس مجرد جحر الحمار الداخلي وانما جحر الديك.
والعجيب في الامر انه تم التحايل على أموال المودعين البسطاء ونهب اموالهم في البنوك .. تحت مسمى الرباء والسلطانة وشركة تهامة واراضي المدينة السكنية في الحتارش واحتيال عقلان الراشدي وصناعة المصارف الوهمية وفي النهاية يقلك دولة مسلمة وقيادات حكيمة !!؟.
وما أغرب المشاهد المأساوية عندما تجد الاب يلف ويدور على زوجته واولاده واخوته وجيرانه والاخرين يبادلونه نفس الاسلوب والشيطنة والاستغباء ويقلك بلد الايمان والحكمة .. الجندي ينهب المواطن والمواطن ينهب الدولة والدولة تنهب التاجر والتاجر ينهب المواطن والمواطن ينهب الدولة اذا سنحت له الفرصة والقبيلي ينهب المدن بفتوى كما حدث في صنعاء عام 1948. والشعب ملطشة لانه مازال خارج اطار العقل والعلم والرشد وأسيراً للجهل .
سمعتوا رئيس دولة أو حكومة أومسؤول في العالم يجوع شعبه ويشبعه بالخطابات .. سمعتوا رئيس دولة يتفرج على الموظفين بيموتوا من الجوع ولا يوجه بصرف حقوقهم ومرتباتهم شهرياً كونه موظف وأمين على حقوق الناس..
سمعتوا متقاعدين سددوا فلوس التقاعد شهرياً من مرتباتهم وتم لطشها وعندما حان موعد تقاعدهم لاتصرف حقوقهم أو يعطى كل خامس شهر .. قسماً لن نجد ذلك الاحتيال لا في اسرائيل ولا امريكا و لاالصين و لاروسيا ، ولا في أي دولة كافرة أو صاحبة ذمة الا في اليمن بلد العروبة والاسلام والحكمة!!.
سمعتوا قائد يغرد في وادي والشعب في وادي آخر .. سمعتوا مزمر ينفخ لوما تخرج اوداجه ببلاش .. سمعتوا .. شاقي يشتغل بالمجان .. أو مواطن يخرج سلاحة من بيته ويدافع مجاناً عن الوهم وكراسي الآخرين..
سمعتوا شعب يخرج الى ساحات الستين والسبعين والثمانين دون ان يطالب بحقوقه او جزء منها .. سمعتوا عن حكومة تفطر بكل مالذ وطاب وتحصل على المرتبات والبدلات والبترول والسيارات وتَحَرم على الموظف صرف رواتبه بينما تصرف لبعض الجهات وكأن الاخرين على خالة .. سمعتوا عن تغييررررررر جذري مثل لعبة المتاهة .. محداً داري متى بدايته ونهايته.
عمركم شفتم شعب " مقعي " ، مثل ابو يمن يبحث عن علاقية قات ونفر رز وربع دجاج ويندفع الى ساحات القتال دون ان يعي الحق من الباطل .. عمركم شفتوا واحد في العالم يقطع بطاقة شخصية ويدفع رشوة عند كل موظف رسمي يوقع له بخمسمائة ريال في صنعاء وغيرها من المدن بعيداً عن المحاسبة ..
عمركم شفتوا مصلحة الاحوال المدنية في العالم تطلب من المواطن الذي يريد قطع بطاقة هوية أن يعيد البصمة أكثر من ثلاث اربع مرات وبعدها فيش وتشبيش من جديد والحسابه بتحسب.. طيب غيروا البصمة الالكترونية .. أشتروا كاميرات حديثة واسكانر جالسين بتشتغلوا على منجزات النباش الاول .
هل وجدتم فرد في العالم يعمل خدمة في أحد النقاط العسكرية يوقف السيارات ويجمع له سائق سيارة الاجرة من كل راكب خمسمائة ريال رشوة على كل فرد مقابل فتح اليسك ، مالم أوقف السيارة ورضح الناس في النقطة دون احترام لكبير في السن او امرأة أو حق قانوني؟ ..
هل وجدتم سجين في العالم بقضية حقيقية او وهمية أو حتى تلفيق يدفع قيمة الماء والكهرباء كما يحدث في أحدى محاكم صنعاء والبلدية وبمعظم السجون ولا يُعطى وجبات الافطار والغداء والعشاء وانما يأكل مع بعض المساجين الميسورين أو يخرج هيكل عظمي ، بينما سجون العالم تقدم كل الخدمات بما فيها الدراسة والمطالعة حتى التخرج من اشهر الجامعات.
هل وجدتم سجين بعد ان يتعرض للاهانة والحبس وتقييد الحرية وبعد ان تنتهي مدة الحبس يطلب منه السجان وفي رواية " شاوش" الحبس حق " الرسامة" مبلغ من المال مقابل خروجه من السجن .. كل هذا لايوجد الا في اليمن.. وكل واحد يفتخر باليمن والاسلام والعروبة والاصالة والصمود ، بينما الواقع اننا فقدنا كل شيء جميل حتى صارت كلمة الحق تهمة تدخلك أقرب سجن ..
يبدو اننا معشر اليمنيين اليوم في كل المحافظات والمدن اليمنية نعيش عقوبة ربانية اوندفع ضريبة النعمة والمجاملة والنفاق والسقوط الاخلاقي ، لاسيما بعد ان تعدد حكام اليمن وتجرأوا على اذلالنا وتجويعنا وافقارنا وارسالنا الى غرف العناية المركزة والمقابر .. تربية بلا رحمة ولاشفقة ولا عدالة تعكس حالات البطش والطغيان والظلم وجحيم القيادات التي تحكمنا بطول اليمن وعرضها ..
ختاماً.. نسأل الله أن يوفق الجميع الى مافيه خدمة الناس ، وان تصرف رواتب وحقوق الموظفين وتُقدم الخدمات ، حتى يعيش الناس في سلام بدلاً من الاحقاد والظغينة والتربص لاقرب وابسط هزة .. يكفي تجويع وفقر وذل.. أعدلوا هو أقرب للتقوى.