سام برس
ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، التي ينظمها "بيت الشعر" :
تجليات شعرية ليوسف حطيني / فلسطين، محمد محبوبي/ موريتانيا و عبدالرزاق الدرباس / سوريا.
شمس الدين العوني
ضمن فعاليات منتدى الثلاثاء، التي ينظمها "بيت الشعر" بالشارقة، نانتظمت أمسية شعرية شارك فيها الشعراء: الدكتور يوسف حطيني من فلسطين، محمد محبوبي من موريتانيا"، الدكتور عبدالرزاق الدرباس من سوريا. الشعراء الثلاثة حلّقوا بنصوصهم في أجواء الفرح والحلم والجمال، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي، مدير البيت، ووسط حضور كبير من الشعراء والنقاد ومحبي الشعر، الذين كانوا في الموعد كعادتهم فاكتظ بهم المكان، وتفاعلوا بشكل كبير مع الشعراء والقصائد.بدأت الأمسية التي أدار مفرداتها الإعلامي محمد المنصوري، الذي أشاد بجهود الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لجعله من إمارة الشارقة، وجهة الأدباء، وبوصلة الشعراء، كما أشاد بمتابعة دائرة الثقافة وبجهود بيت الشعر. وأشار قائلا : "في هذه الأمسية الشعرية التي تتنفس عبق الكلمات، نتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى راعي الثقافة والأدب، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، الذي طالما كان داعماً للكلمة الحرة والفكر النير، وجعل من الشارقة منارةً للعلم والفنون."وافتتح القراءات الشاعر الدكتور يوسف حطيني، الذي مارس السباحة في العيون، لسبر أغوار أسرار قد لا تبدو واضحة إلا لمغامر متمرس في الإبحار، ليكتشف الذي يشع من الأعماق، فيقول:
"عينانِ تختزنانِ ضوءَهما
من ذا يعيرُ الشّمسَ ظلَّهما؟
عينانِ تشتعلانِ بوحَ أسىً
وأنا أسافرُ منهما لهما
تتصنّعانِ هدوءَ غافيةٍ
وحرارةُ البركانِ خلفَهما
والدّمعةُ المحبوسةُ التمعتْ
تحكي أنينَ القلبِ مضطرِما".
وقرأ نصًّا ذاتيًّا لأبيه وأمه ووطنه، ثلاثتهم يكونون الوطن الأسمى والأغلى في روحه، حلق في هذا النص باللغة وسرد التفاصيل التي منحت النص دهشة وحضورا، نختار منها:
"إذ كان أبي في زمنِ القهوةِ/ حبّة هالٍ ذوّبها دفءُ فلسطينَ/ بفنجانٍ من عشقِ أُميّهْ/ توقظه ساعتُهُ في الفجرِ،/ يصلي للرّزّاق، يتمتمُ أدعيةً،/ يضطجعُ على وجعِ الأمسِ وبعضِ الأحلامْ/ توقظ أمّي (بابورَ الكازِ) النّائمَ في حضنِ الأيامْ/ تشعلُ صبحَ أبي بالدفءِ ليشربَ قهوتهُ/ ويدفّئ يده الخشناءَ على عجلٍ من ثلجِ الشّامْ".الشاعر محمد محبوبي، الذي شغل فترة من الزمن مساعدًا لمدير بيت الشعر بنواكشوط في موريتانيا، قرأ قصائد اتسمت بالعمق والتحليق في أخيلة بعيدة، حيث بث عبر بريد روحه بوحه من نافذة السماء، فقال:
"أناْ واجِـمٌ في الريـحِ مثل دموعِكِ
الحرّى تؤوبُ مع الأصيل تَصبُّرا
وَطنانِ غـصّا بالأغاني الباكِياتِ..
وفي مَدى الغيبِ النضيرِ تَجــذّرا
ما أنت غير يمامة أثريّةٍ
الفجر غناها.. فغنت للثرى!
لكِ كاملُ التَّبجيـل.. يا موتًا تَـغـــــــ
شّاني، وعُـدتُ لكي أعيش مكررا".

'أناْ واجِـمٌ في الريـحِ مثل دموعِكِ'
ليرسم بعد هذا التحليق لوحة فنية مليئة بالتفاصيل الندية باللغة والصورة المتقدة في أتون الحياة، فيقول:
"حـدِّثـي لَيـلَـنـا المُـنيفَ عـن الرّوح..
وتـوْقِ الفُيـوض للنـدمــاءِ
وانثري سحنة النجومِ على
أرجاء عُمْرٍ غصّت بنور الرجاءِ
طـالَ عهـدي بمُقلتــيـكِ! فهـيّا
نغسـل الحُـلْمَ فـي ضــفـاف الرُّواءِ
نحـن وشيُ الـرؤى.. وأغنـيـةُ الوُرْقِ..
ونجـوَى الصـبـــاح للأنــداءِ..
وصلاةُ المروج.. والأفُـقُ الغـافـي..
ونبضُ الشـذا.. ورُؤيا السـمـاءِ".
واختتم القراءات الشعرية الشاعر الدكتور عبدالرزاق الدرباس، الذي أطلق جياده في سباقٍ مع الحنين، متنقّلَا بحروفه بين الأمكنة التي تغص بالذكريات والتفاصيل، من قصيدة "جيادٌ في سباق الحنين" نقتطف هذا المقطع:
"بَعـضُ الأماكِــنِ نَـبْـكـيهــا وتَبْكــيـنـا
تُـمــيــتُــنـا فـي هَـــواهـــا ثُــمَّ تُحْـيــيــنــا
نَـشـــيـدُهــا زَفَــراتٌ مِـنْ مَــواجِـعِــــنـا
وَحُـبُّــهـا يَجعَـلُ الأَشـــواكَ نسْـــرينـا
مِنْ طُهْــرِ تُربتِهـا صَـحَّ الـوضــوءُ لَــنـا
وَفي تَسابيحِـهـا صِرْنا المُـصَلّـِيـنا
مُـهَــجَّــرونَ، ولَا ذَنْـبٌ بِصَـفْـحَــتِـنـا
وَنـازِحـونَ، وَلا الأَرقــامُ تُحْـصـيــنـا".
'بَعـضُ الأماكِــنِ نَـبْـكـيهــا وتَبْكــيـنـا تُـمــيــتُــنـا فـي هَـــواهـــا ثُــمَّ تُحْـيــيــنــا'
وكما قرأ نصًّا آخر ذا ثقافة اتكأت على التناص في التراث والقرآن، وجال في الصحراء ليجد ابن الورد والشنفرى أمامه وهو يتجلى في "باب المحال" فيقول:
"أنا عُروةُ بنُ الوَردِ صُعْـلوكَ الهوى
وَعلى الكُـتـوفِ حَقـائبُ الأَسْــفارِ
أغْـزو على اسْــــــمِ الحُـبِّ كلَّ قَبيْـلَـةٍ
فـَأَعــودُ بِالّـلاشَــيءِ أَحْـمـِـلُ عـاري
إنّي أنا المَجْـنـونُ لكِـنْ ليسَ لـي
لَـيلـى لِــنَـرعى البُـهْـمَ وُسْـــــعَ قِــفــــارِ
لَـيْـلايَ وَعْـدُ، لَـمْ تزلْ بانَـتْ سُــــعَـا ...
دُ أَثـــيْــــــرَةً فـي العَــفْـــوِ وَالأَشْـعــارِ".
واختتمت الأمسية بتكريم الشعراء ومقدم الأمسية من قبل مدير البيت الشاعر محمد البريكي وسط حفاوة كبيرة.

حول الموقع

سام برس