بقلم/ محمود كامل الكومى
انقلبت وسائل التواصل الأجتماعى رأسا على عقب , لحظة أن فاضت روح المناضل سيد عبد الغنى الي بارئها , فكم من رئيس حزب توفاه الله وكم من قيادة نقابية انتقلت إلى رحاب الله , ولم تُحدث مغادرتها الدنيا , هذا الدوى الذي رن عبر الأثير, حين أنتقل رئيس الحزب الناصري وأمين صندوق نقابة المحامين في مصر ,والأمين العام المساعد لإتحاد المحامين العرب الي الرفيق الأعلى .

الكل اغرورقت دموعه والبعض صار الوجوم على وجوهه , وآخرون فقدوا القدرة عن التعبير عن حزنهم , حتى منتقديه الذين رأوا هناته ,وكياسته , فيها شيء من المهادنة لغشوم السلطة وحكومة مافيا رجال الأعمال , وكبح جماح الأحرار والمناضلين من اجل الحريات وضد التطبيع , كان حزنهم على فراقه أشد من رفاقه .
لم يكن ذلك يحتاج إلى تفسير , فالفارس شهم أصيل , ناصع البياض قلبا وقالبا , حين يمتطي جواده لا يخشى في الحق لومة لائم , رغم بشاشة وجهه وطيبة قلبه , لم يضمر لأحد سوء , من شيمه الأمانة , والأخيرة رشحته لأن يكون الأمين على مالية نقابة المحامين بامتياز ,وتلك عملة صعبة في زمن مافيا الفساد .
تاريخ طويل للفارس المغوار , منذ نعومة أظافره , تربى في مدرسة الناصرية ,وأندية الفكر الناصري ثقلته , فشارك في حرب أكتوبر متطوعا .

وفى زمن الردة الساداتية , قاد مع الطلاب ومن خلال الحركة الناصرية مظاهرات 18و19 يناير سنة 1977 من اجل الفقراء , فاعتقل حتى حكم ببراءة كل المتظاهرين – وتتابعت فترات اعتقاله مرات , من اجل فلسطين عربية ,وضد التطبيع , وضد بيع القطاع العام والمصانع التي بناها جمال عبد الناصر , وبدا ضيف على سجون مصر دفاعا حرية الوطن والمواطن .

فيما صار كتلة مشتعلة من النضال والتوهج قادت نقابة المحامين المصريين إلى أن تكون طليعة الحق والعروبة في وطننا العربي , فشكل جماعة المحامين الناصريين , وأسس مع المؤسسين لجنة الحريات بها , فقاد الدفاع عن كل معتقلى الرأى والحريات,والعمال والفقراء , وتنامي النضال عبر قيادته لجنة فلسطين باتحاد المحامين العرب .

علمني رواد الناصرية , أن الناصرية لا تتقوقع داخل حزب أنما هى تيار شعبي لكل من آمن بالقومية العربية من الخليج الي المحيط , تمتد عالميا إلى شعوب العالم الثالث , ورغم من ذلك ونزولا على طلبه أن أشارك معه في إعادة تشكيل الحزب العربي الديمقراطي الناصري برئاسته , ولأنه الناصع البياض شاركت معه لفترة , معتزا بشفافيته ودماثة خُلِقه وعصاميته ونضاله المتدفق من أجل الوحدة وفلسطين عربية وإذابة الفوارق الطبقية

كان مقاوما عنيدا ,وفارسا مجيدا , حتى مع فيروس كورونا اللعين ظل يقاوم طيلة أسابيع , لكن إرادة الله أبت إلا أن يكون شهيد , فترجل سيد عبد الغني من على صهوة جواده ,الي رحاب الله العلي القدير .
وتتساقط الأوراق وتبقى شجرة الناصرية وارفة .

سيد عبد الغنى (أبو قلب أبيض) لا نقول وداعاً ,لكن إلى لقاء ...

ك*اتب ومحامى - مصرى

حول الموقع

سام برس