بقلم/ خالد السودي
اليمني ربما يدخل حرباً .. او يتمنى خوض معركة من أجل الحصول على "بندق " .. ليتغنى به بين أقرانه وأترابه غير أنه يجيد استخدامها بشكل خرافي عند اللزوم.. يعرف ذلك الاتراك والانجليز .. ومن قبلهم القوى التوسعية التي حاولت العبث داخل فم الليث فدخلت في حفرة من الرمل و بحيرة الصمغ .

لابد أن السعوديه والخليج قد ادركوا هذه الحقيقة لكن بعد فوات الأوان وبعد ان وقع الفأس في الرأس واتسع الخرق على الراقع .. لابد أنهم أكتشفوا أنها ليست مباراة في كرة القدم في مواجهة منتخب اليمن عديم الخبرة وذو العود الطري كما أنها مواجهة النيران وليست منافسات كأس الخليج .. اذ كان يمكن معالجة مشكلة اليمن بأقل الخسائر دون اللجوء الى العنف ..

إنها "الحرب " مربع اليمني الذي يجيد اللعب فيه جيداً .. ويعشق فيه المناورة والمساومة وتبادل الادوار والمراكز .. انها الحرب التي دمرت كل شيئ و معالجة آثارها المريرة بالتأكيد ستكون باهضة الثمن و مكلفة للغاية تبدأ بترميم النفوس قبل التفكير في المباني و الفلوس .

ثمة علاقة وطيدة بين اليمني والكلاشينكوف و "الجرمل "اذ تربطهما علاقة حميمة وود متبادل وعشق مجنون ليس له حدود .. لذلك تجد في اليمن 70 مليون قطعة سلاح قبل الحرب وربما تضاعف العدد الان بمعنى 3 قطع لكل مواطن .

اليمني والسلاح تنضج علاقتهما منذ وقت مبكر اذ توالت التجارب حتى اصبح السلاح جزء من الموروث الثقافي فتبدأ تلك العلاقة من لبس" الجنبية " وربما تصل الرغبة في التصويب على اعقاب السيجارة بصاروخ عابر للقارات ..

فطلقة الرصاص من يد بندقية اليمني تعني ضحية فيما البعض البندقية في يده مجرد سيف في يد عجوز .. و ال F16 مجرد طائرة ورقية تذهب في مهب الريح !!

الكلاشنكوف و " الجنبية " في يد اليمني حمامة وغصن سلام عندما تدنو الاعراف ويحل الوئام وتوضع تحت قدم الخصم تحكيماً وعرفاً وطلباً للمسامحة.. وعند الوغى تتحول الى بركان من نار لاتخطئ هدفها أبدًا.
في اليمن كم من فئة قليلة تحمل البنادق غلبت فئة كثيرة مدججة بالسلاح والقذائف .. وفي اليمن تختلف مقاييس الحروب وتتلعثم خرائط الخبراء وخطط القادة تحت وقع الشجاعة و المغامرة بل والتهور غالبا.. و في اليمن يدركون تماما قول الشاعر

لا تحقراً صغيرا في مخاصمة
إن البعوضة تدمي مُقلة الأسد

فلا هم يستهينوا بعدو ضعيف .. و لا يهابون العدو -الذي يعتقد انه الغضنفر - مهما بلغت قوته !!
يعتقد البعض أن الحرب تنُهك اليمنيين .. ويتصور البعض ان التعب سينال منهم بينما كلما مر الزمن تحولت الى لعبة " بلي ستيشن " .. ويخشى الجيران توقف الحرب محدثين أنفسهم : " كيف هذا الصمود في الجبهات واليمنيين مشتتين شذر مذر كل واحد واخذ من السكة طرف -على قول المحضار وابو بكر سالم - ماذا لو أنهم جبهة واحدة !! "
ماذا لو توحد المؤتمريون مع الاصلاح والجيش الوطني طلع صنعاء واندمجت جبهة الساحل بجبهات الجبال وتحولت مليشيات انصار الله الى قوى نظامية بحس وطني وعمل سياسي؟

هناك من يمني النفس بأن استمرار الحرب سينهك قوى اليمنيين وهو تفكير انتهازي وسينقلب السحر على الساحر .. وسيخرج اليمنيون بعد الحرب أمةً أقوى وأشرس واكثر قدرة على البناء .. وهناك من يعتقد انه حول اليمنيين الى مرتزقة او ورق " كوتشينه " بيده وذلك مناقض للجغرافيا والتأريخ وحسابات الديموغرافيا التي تنتصر لليمن واليمنيين بثروتهم البشرية الهائلة ذات الحضارة والجذور الراسخة ..

علمتنا الحرب حب اليمن اكثر واكثر .. وقاوم اليمني فقط بالكلاشنكوف .. لسنا بحاجة بعد اليوم الا الى بندقية فقط ندافع بها عن أنفسنا من اي إعتداء في المستقبل .. الطائرات والدبابات والصواريخ دُمرت في ايام الحرب الاولي .. و منظومة الدفاع الجوي فُككت قبل حرب 2015 بأوامر عليا و بفعل فاعل وترتيب مسبق .
لم يصمد غير الكلاشنكوف لانه في يد كل يمني ويمنيه .. نحن بحاجة اليوم الى بناء بلدنا .. السواعد التي ضغطت على الزناد تدوس ازرار البناء .. السيقان العارية التي تخوض الحرب في الفيافي والقفار وعلى قمم الجبال مع كل الاطراف ، تشمر لبناء السدود والطرق .. العقول التي صنعت الصواريخ والطائرات المسيرة من علب الصفيح تركز الجهد في العلم وصنع طائرات مدنية وصواريخ تحمل كبسولات علم خارج الغلاف الجوي ..

كل القوى الاقليمية في المنطقة تريد اليمني " شاقي " او محارب مع هذا الطرف او ذاك .. تريده ممثل عن حروب بالوكالة و عنصر هدم وشقاء .. وتريد اليمن دوماً ميدان لضرب النار ..
لسنا بحاجه غدًا الى الاعتداء على أحد .. نريد السلام
فقط وبندقية !!
alsawdi@yahoo.com

من صفحة الكاتب بالفيسبوك

حول الموقع

سام برس