بقلم/ حسن الوريث
كنت انا وصديقي الصغير عبد الله وأخوته امة الله وعلي وفاطمة ننتظر العصفورة لنتعرف على الجديد منها خاصة ونحن نستقبل أول أيام شهر رمضان المبارك ولاشك أن في جعبتها الكثير والكثير الذي جمعته لنا خلال فترة غيابها وهي تتجول بين مختلف المناطق في أمانة العاصمة والمحافظات وبالفعل فقد كانت عند الموعد ووصلت وهي ترفرف بجناحيها كتعبير عن التحية لأصدقائها الصغار عبد الله وأمة الله وعلي وفاطمة وتهنئتهم بمناسبة حلول الشهر الكريم .

السؤال الأول من صديقنا الصغير عبد الله واخوته للعصفورة بعد أن ردوا لها التحية كان عن جديدها الذي سننقله للجمهور  والموضوع الذي سيكون فاتحة سلسلتنا لهذا العام والذي اخترنا له عنوان " فلاشات رمضانية " ؟. 

قالت لنا العصفورة اليوم سنتحدث عن موضوع هام بل وقضية مغيبة تماما حتى في وسائل إعلامنا ولدى الخطباء والمرشدين ومنظمات المجتمع المدني لا نجد أحد يتطرق لها لا من قريب ولا من بعيد .. قلت لها تفضلي وكلنا أذان صاغية لك .. لكنها بدأت كلامها بسؤال يبدو أنه سيكون مدخل للحديث عن الموضوع حيث قالت لي بالتحديد .. هل انتهيت من شراء مقاضي ومصاريف رمضان ؟.. اجبتها بكلمة لا لم أتمكن من شرائها أولا بسبب صعوبات مالية فنصف الراتب الذي استلمناه ذهب مباشرة إلى المؤجر الذي يهددنا ويتوعدنا دائما بانه سيطردنا من الشقة لذا فقد اثرت السلامة وفضلته على مصروف رمضان وثانيها أنني قررت أن أعمل مثل بقية الأيام أي شراء احتياجات كل يوم بيومه والأهم ان عندي قناعة أن مانحتاجه في رمضان هو نفس ما نحتاجه في الأيام العادية باستثناء اضافة بعض الأشياء التي أعتقد أنها لن تكلف كثيرا .. قالت لي العصفورة.. هل خرجت إلى السوق وشاهدت الازدحام الشديد على المحلات وفي الطرقات والشوارع وكلهم خرج لشراء مصاريف رمضان وكان شهر رمضان شهر للاكل والشرب فقط وليس للصوم والعبادة والصبر على الجوع والعطش ومساعدة الفقراء والمحتاجين.

قال لي صديقنا الصغير عبد الله وأخوته أمة الله وعلي وفاطمة بعد أن سمعوا كلام العصفورة عن حالة الناس في الأسواق والشوارع هيا نخرج لنتفرج عليهم ونشتري مصاريف رمضان .. قالت لهم العصفورة .. انتظروا قليلا لنكمل حديثنا وبعدها ربما تغيروا رأيكم .. ويجب أن تعرفوا ان كلام والدكم فعلا صائب وصحيح فالناس تعودوا على أن يجعلوا من شهر رمضان شهر للاكل والتبذير والبذخ والتفاخر بالمظاهر والموائد التي يذهب معظمها إلى براميل القمامة وهكذا كل يوم وكل واحد يظل يعدد كم من أصناف الأكل التي تحتويها مائدته وكم من المبالغ صرفها في رمضان .. قلت لها اتعرفين ان هناك أشخاص يبيع ذهب أو يستلف من أجل شراء مصاريف رمضان حتى لا يقول عليه جيرانه أنه لم يستعد لرمضان بالشكل الذي يليق به ؟. قالت لنا العصفورة فعلا هذا الكلام صحيح ومن يشاهد حجم الهلع في الأسواق يظن أن رمضان شهر للاكل والشرب والبذخ وطبعا الحالة تستمر طوال الشهر وتبقى الأسواق مزدحمة وكاننا لا نأكل سوى في رمضان .

قلت لها ياصديقتنا.. هناك عادات وسلوكيات وثقافة استهلاكية مغلوطة في شهر رمضان وفي غيره لكنها في رمضان تكون أكثر حضورا وهناك غياب للوعي الاستهلاكي الصحيح لدى الناس وربما هو ناتج عن تراكمات وعادات وتقاليد دخيلة على مجتمعنا بالاهتمام الزائد والتركيز فوق الطبيعي في أنواع وأصناف المأكولات والمشروبات وقد أظهرت العديد من الدراسات ان نسبة الاستهلاك الغذائي في رمضان تصل في بعض الدول العربية والاسلامية إلى ثلاثة أضعاف ما تستهلكه في الشهور العادية .

قالت لنا صديقتنا العصفورة لقد أصبح صيام رمضان لدى الكثير من الناس عادة وليس عبادة وروتين متشابه لا يشعرون بأي تغيير منذ دخول أول أيامه حتى انقضائه يهتمون فقط بالإجزاء والشكل دون الحقيقة والروح والمضمون وصار رمضان عندهم معرض غذائي لشتى المأكولات والمشروبات التي تزدحم بها موائدهم بينما هناك من الفقراء والمحتاجين والمساكين لا يجدون قوت يومهم. 

في نهاية حديثنا مع صديقتنا العصفورة اتفقت مع ابنائي وأصدقائي الصغار عبد الله وأمة الله وعلي وفاطمة على توجيه رسالة إلى الجميع بان رمضان شهر للعباده وليس شهر للاكل والنوم والتخمة والبذخ والتفاخر والتبذير وعلينا ان نغير من سلوكنا الاستهلاكي الخاطئ في هذا الشهر وفي غيره كما نوجه رسالة إلى وسائل إعلامنا بأن عليها ان تهتم بنشر الوعي الاستهلاكي وتصحيح المفاهيم الخاطئة في مجتمعنا وان تقوم بدورها على الوجه الأكمل وليس كما اصبحت تستعد لرمضان بالمسلسلات وإشعال الناس عن العبادة واستلهام فضائل رمضان إلى التنقل من قناة الى قناة ومن إذاعة إلى أخرى بحثا عن مسلسلات تافهة تحرف مسار الناس والأمة وهذا سيكون موضوع قادم لنا كما نوجه رسالة إلى أصحاب الفضيلة العلماء والخطباء والمرشدين بان يعملوا على توعية الناس بهذا الجانب وان شهر رمضان للصوم والعبادة والتراحم والصدقات ومساعدة الفقراء والمحتاجين والمساكين وليس للاكل والشرب والبذخ والتبذير .. 

وفي الختام لأولى حلقات سلسلتنا الرمضانية نتمنى ان تكون رسالتنا وصلت وشهر مبارك والجميع بالف خير وعافية.

حول الموقع

سام برس