بقلم/ احمد الشاوش
في موكب جنائزي مهيب ومشهد رهيب وجريمة بشعة صعقت الرأي العام الدولي ، شيع آلاف الفلسطينين والمناضلين والسفراء جثمان زهرة القدس وصوتها الاعلامي والنضالي الى مثواها الاخير.

شيرين أبوعاقلة أيقونة القدس وعبقها وصوت الحق ، هي ضحية ارهابي وقناص اسرائيلي بلا مشاعر ولا انسانية فجر رأسها بالرصاص مع سبق الاصرار والترصد في مشهد دموي صادم لارهاب العالم واسكات كل حرف اعلامي وكلمة ثورية وصوت نضالي وشاهد حق وضمير حي.

جريمة بشعة صعقت عالم مجرد من القيم والضمير والاخلاق والانسانية والعدالة وقوى عظماء تُمارس الادانات والشجب والاستنكار والمداهنة والتغطية والدفاع على جرائم وانتهاكات اسرائيل ، ورغم ذلك التحيز والسقوط والارهاب والضغط على الدول والشعوب سينتصر صوت الحق وستلاحق العدالة كل سفاح ، و سيظل رجال الصحافة والاعلام والمناضلين والمثقفين والشرفاء من ابناء فلسطين والعالم العربي والمجتمع الدولي يتذكروا نضال شيرين أبوعاقلة ويترحموا عليها التي تحولت الى ايقونة للرسالة الاعلامية الحرة والدفاع عن القضية الفلسطينة وكشف الجرائم.

ان سيرة ومواقف وتغطية ومهنية ونضال وقيم شيرين أبوعاقلة في ساحات القدس وغيرها من المدن الفلسطينية المحتلة لفت انظار العالم تجاه الكثير من المآسي التي استهدفت الشعب الفلسطيني وسلطت الضؤ أكثر على القضية المركزية للامة العربية والاسلامية ما جعلها جديرة بالاحترام وهدف واضح للمشاعر المريضة والحقد والكراهية والتوحش لدى المحتل الصهيوني .

وداعاً زهرة القدس

وداعاً صوت القدس

وداعاً ضمير الامة

وداعاً غصن الزيتون

وداعاً.. شيرين أبوعاقلة :

يامن خدمتي القضية الفلسطينية أكثر من أي ملك وامير ورئيس وزعيم وقائد ورجل دين ومثقف ووسيلة اعلامية.

وداعاً يامن جاهدتي في شوارع وازقة القدس وغيرها من المدن الفلسطينية بصوتك الاكبر من الرصاص وحروفك المرعبة للعدو..

وداعاً.. يامن خاطرتي بدمك وروحك واسرتك وأولادك ووقتك وراحتك امام المحتل الصهيوني ، فداء عن القضية الفلسطينية ، بينما المزايدون ودراويش الانظمة والاحزاب والمنظمات واشباه العلماء يناضلون عن القدس من فنادق خمسة نجوم هنا وهناك.

والحقيقة التي يدركها الفلسطينيون و المجتمع الدولي مع الاسف الشديد ان القاتل والمجرم والسفاح والقناص والارهابي الاسرائيلي لم يحسب أي حساب لاحترام حرية الرأي والتعبير والقيم الديموقراطية والقوانين الانسانية والدولية بل تجاوز الخطوط الحمراء بتوجيهات وتحريض قادة اسرائيل بتفجير رأس امرأة مدنية بريئة واعلامية مخضرمة تنقل الحقيقة وتكشف الجرائم وتفضح التجاوزات وتمارس وسائل البطش والارهاب ضد الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن استرداد أرضه المغتصبة من المحتل الاسرائيلي.

لقد نقلت لنا الفضائيات العربية والدولية مشاهد مأساوية وصور مروعة ولقطات صادمة تظهر مدى حقد وكراهية وطغيان واضطراب وخوف قوات الاحتلال الاسرائيلي من جثة هامدة لضحية اعلامية مدنية بريئة لُفت بالعلم الفلسطيني ومشيعين بلا سلاح ، بينما واصل الصهاينة ضرب المشيعين بالهراوت دون رحمة او خجل أو احترام لجثة هامدة أمام الرأي العام الدولي حتى أسقط وحوش الصهاينة جنازة شيرين أبوعاقلة على الارض ورغم ذلك واصل شعب الجبارين رفع نعش الشهيدة على أكتافهم من جديد الى المستشفى الفرنسي بالقدس ومن ثم مواصلة موكب الجنازة بارادة وعزيمة بلاحدود رغم الضرب بالعصي وقنابل الغاز والاعتقالات والتوجه بالجصمان الى الكنيسة الكاثوليكية لاجراء المراسم الدينية على روح شيرين ابوعاقلة ومن ثم مواراتها الثرى في مقبرة جبل صهيون .

الاعلامية شيرين أبوعاقلة التي قضت نحو عشرين عاماً مع قناة الجزيرة القطرية دخلت التاريخ من أوسع أبوابه وجسدت صوت الحق والحياد والمصداقية على مدار الساعة برسالتها الاعلامية التي تناولتها بمهنية عالية واحترافية كبيرة ، كما انها حملت هم ومسؤولية أسمى وأكبر قضية انسانية هي القضية الفلسطينية من خلال التغطية الاخبارية والتقارير وكشفها للجرائم البشعة والاعتقالات والتعسفات والتعذيب والملاحقات وانتهاك حقوق الفلسطينيين وتدمير منازلهم وجرف وسرقة ومصادرة أراضيهم وبناء المستوطنات وتعرية وكشف المواقف العربية والدولية المخزية تجاه أكبر قوة تمارس البطش ومجازر الابادة والارهاب في العالم بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا واوروبا.

أخيراً.. هل آن الاون للسلطة الفلسطينية وغيرها ومحكمة الجرائم الدولية والمجتمع الدولي محاكمة قادة اسرائيل والقناص السفاح وكل متورط وقاتل لتحقيق العدالة وارساء السلام ؟

الرحمة والرضوان للاعلامية شيرين أبوعاقلة وخالص العزاء لاسرتها ومحبيها.. لن يغيب صوت الحق والحرية ولن تغيب زهرة القدس وحمامة السلام وأيقونة الحرف والكلمة عن خواطرنا والتاريخ الانساني..

shawish22@gmail.com

حول الموقع

سام برس