بقلم/ احمد الشاوش
ترجل فارس اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح يوم الاثنين ، الثامن والعشرين من نوفمبر 2022م ، وصعدت روحه الى بارئها ووري جثمانه الطاهر بالعاصمة صنعاء ، بعد حياة حافلة بالعطاء والابداع والتألق في سماء الفكر الانساني الخلاق ، وعالم الثقافة ، وآفاق المعرفة ، وواحة الادب ، وساحات الشعر ، ومنابر الاعلام ، حتى صار رمزاً وطنياً ورائداً عالمياً لمكانته السامية وغزارة انتاجه في مجالات الادب والشعر وصناعة المشهد الثقافي.

وجع مابعده وجع .. والم مابعده ألم ، ودمعة وفاء لابد ان تقال في سجل هذا النجم الساطع ، بعد ان توقف نبضه ومثل غيابه خسارة فادحة لآخر عمالقة الادب وعباقرة الشعر وعنفوان الثقافة وأقحوان المعرفة وجداول الفكر الانساني الخلاق ، الذي رفع حالات الحزن والاسى والفراق المر الى الذروة.

رحل فقيد اليمن الغالي الدكتور عبدالعزيز المقالح بعد ان قدم عصارة فكره ورسالته الانسانية الخالدة في هرم الحضارة الانسانية المعاصرة من خلال مد جسور التواصل الايجابي مع أدباء وشعراء ومثقفي ومفكري العالم ورفد الرأي العام اليمني والعربي والدولي بإنتاجه الغزير ودواوينه الشعرية وكتاباته الشهيرة ومقالاته الذائعة الصيت الذي تناولت خلال عقود من الزمن العديد من القضايا والاحداث الادبية والفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في عشرات الصحف والمجلات والدوريات اليمنية والعربية والدولية التي قدمت للانسانية رحيق المعرفة وعصارة فنون الادب العربي ، كما لامست القضايا المطروحه قلوب المجتمع اليمني والعربي بإعتبارها خارطة طريق لتحرير العقل من الجمود والارث الثقافي السلبي والولوج الى مستقبل الغد المشرق بمشاعل التنوير.

لقد مثلت معرفتي واخي عبدالله الشاوش ، بالدكتور عبدالعزيز المقالح منذ عشرات السنين عندما كان يأتي دكتورنا الفاضل ، عبدالعزيز المقالح ، الى منزل خالي الشاعر عبدالرحمن محمد قاضي في بستان شارب أمام مدرسة نشوان بالعاصمة صنعاء للمقيل الذي كان بمثابة الصالون الثقافي الذي يجمع الكثير من الادباء والشعراء والمثقفين والفنانين من الشمال والجنوب ، من امثال شاعر اليمن الكبير عبدالله البردوني واحمد جابر عفيف وعلي عفيف وادريس احمد حنبلة وعبدالله هاشم الكبسي ويحي البشاري والحضراني والشرفي والوريث وعبدالله علوان وقاسم عبدالرب والفنان احمد السنيدار ومحمد مرشد ناجي عندما تلوح له الفرصة بالحضور الى صنعاء والكثير من الادباء والشعراء ، تلك الجلسات كان لنا شرف التعرف عن قرب على تلك الكوكبة الشعرية والادبية والفنية الذائعة الصيت التي تجسدت فيها منظومة القيم الانسانية من تواضع وبساطة وعلاقات انسانية يسودها الود والاحترام والاجلال..

لقد تجلت في فقيدنا الراحل الدكتور عبدالعزيز المقالح ، كل معاني الانسانية والتواضع والحب والخير والايثار ، ولا انسى ذلك المشهد النادر عندما كنت مديراً للوحدة المالية والادارية في صحيفة الثورة ، وكنت أعد الانتاج الفكري للكتاب والصحفيين ، كان يحول المبلغ المستحق له مقابل الانتاج الى بعض الاسر المحتاجه بصورة شهرية عبر سائقه الشخصي ، جعلها الله في رصيد حسناته ، ما جعل شخصه الكريم جدير بالاحترام.

لقد حصد شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح ، الكثير من الجوائز الادبية والاوسمة والشهادات التقديرية والالقاب والمناصب ، ورغم كل تلك المناصب والعلاقات الضاربة والاستهداف المنظم إلا انه لم يضعف أو يتغير بل زادته ايماناً وسماحة ورجولة وسمواً وشموخاً وتواضعاً ونزاهة ووطنية وصلابة وأكثر بُعداً عن الخلافات والاجندات والصراعات السياسية والمواقف المشبوهة ، حتى رحيله عن عالم النفاق والابتذال والارتزاق والمساومة والخيانة بهدؤ كنسمات الملائكة.

وبرحيل الدكتور عبدالعزيز المقالح ، غيب الموت رمزاً وطنياً ومناضل قومي جسور ومثقف عربي أصيل ورائداً من رواد الشعر العربي الحديث وأديب ألمعي وشاعر قومي رفد المكتبة العربية والعالمية بإمهات الكتب والدراسات والدوريات والابحاث التي كانت بمثابة الزاد والبلسم والطريق الموصل الى النور وعنوانها الكلمة الطيبة والسمعة الحسنة ، ورغم ذلك إلا ان الاديب والشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح سيظل خالداً في القلوب والعقول وذاكرة الاجيال ودوواين التاريخ علماً شامخاً في سماء الحضارة الانسانية.

أخيراً .. فقدت الساحة الثقافية والمدارس الشعرية آخر عمالقة الادب اليمني والعربي ، وبغيابه الموجع والمؤلم والمحزن طفت آخر نقطة ضؤ في دروب الوعي الثقافي والطريق الى الحرية.

وايماناً بقضاء الله وقدره اتقدم بخالص العزاء لاسرة الاب والصديق الدكتور عبدالعزيز المقالح واصدقائه وكل محبية.. سائلاً المولى عز وجل ان يدخل الفقيد فسيح جناته وان يلهم أهله وذوية الصبر والسلوان .. انا لله وانا اليه راجعون.

حول الموقع

سام برس