بقلم/ يحيى يحيى السريحي
المجني عليهم هم القضاة والقضاء ، والجناة هم المتخاصمون وكثرتهم وشيطنة بعض المحامين ، فالقضاء اليمني كغيرة من الاجهزة القضائية في العالم العربي والاسلامي تحديدا يعاني من معضلة حقيقية تواجهه في القدرة السريعة والفترة الزمنية المعقولة في الفصل بين الخصوم ، وكثيرا من القضايا والمنازعات المعروضة على القضاء اليمني تحتاج أعمار فوق أعمار الخصوم حتى يتم الفصل فيها وبشكل بات ونهائي لطرف من أطراف النزاع بعد أن تأخذ القضايا درجات التقاضي المعروفة من حكم المحكمة الابتدائية والاستئناف واخيرا المحكمة العليا .

ويشكوى كثير من الخصوم طول فترة التقاضي وعدم الفصل السريع في القضايا مما يتسبب في ضياع الحقوق وايضا لجوء بعض الخصوم الى استخدام العنف والقوة المفرطة التي تصل لدرجة القتل ، لما يسببه ذلك التأخير في الانجاز من الشعور بالغبن والقهر وضياع أموالهم وأعمارهم في قاعات المحاكم المختلفة .

ومن الانصاف القول أن في أحايين كثيرة لطول فترة التقاضي سببها الخصوم أنفسهم فمنهم من يعتمد على الادعاءات الكيدية والكاذبة وتقديم محررات مزورة وشهود زور وغيرها من الاساليب الباطلة ناهيك عن لجوء بعضهم والاستعانة بعينة من المحامين أو وكلاء الشريعة المتغولين في الأساليب الملتوية ، مما يتوجب على القضاة المنظور لديهم دعاوي وقضايا الخصوم التحري والتأكد من كل تفصيلة وجزئية صغيرة وكبيرة حتى لا يكونوا من قضاة أهل النار الذين أخبرنا عنهم سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام.

فالخصوم أنفسهم يتحملون جزء كبير من المسئولية في طول أمد الخصومة وعدم الفصل السريع في المنازعات ، ولا يعني ذلك الكمال المطلق لساحة القضاء والقضاة ، وتسليطي الضوء عن القضاء هو ما وجدته في ساحات وباحات القضاء من العدد المهول من الناس والخصومات الكثيرة ، فقد ساقتني الاقدار للمحاكم فوجدت سيلا من البشر وكأن لم يعد يتواجد خارج المحاكم أحد من اليمنيين فالكل يقاضي ويخاصم الكل والكل في المحاكم !!

وأكثر المتخاصمين تجدهم أنساب وأصهار فالاخوة في خصومة مع بعضهم ، والابناء مع أبائهم وامهاتهم ، والزوجات مع أزواجهم ، وهذا مؤشر خطير بأن الأسرة اليمنية تعاني تمزق في نسيجها المجتمعي وتعاني التفرق والخلاف وبحاجة لتدخل الدولة ليس بواسطة المحاكم فقط ، بل بواسطة رجال الدين في منابر المساجد وايضا وسائل الاعلام المختلفة والتوعية باهمية الحفاظ على العلاقات الاسرية بعيدا عن التناحر والتخاصم في المحاكم وبما يحفظ للجميع حقوقهم ، وأتذكر جيدا مقولة الرئيس الشهيد صالح الصماد رحمه الله فيما يخص القضاء بقوله : أننا نطمح الى بناء قضاء قوي مستقل وحر يحفظ ويراعي الحقوق والحريات بعيدا عن المزايدات والمحسوبية ، فقد كان القضاء واصلاحه هدف استراتيجي عند الرئبس الشهيد رحمه الله فالقضاء اليمني ربما يحتاج الى مراجعة بعض القوانين وتعديلها .

وربما كذلك يحتاج لبعض الضوابط الحازمة ضد المدعين من الخصوم على غيرهم افتراء وبهتان ودون وجه حق ، وكذلك يحتاج الى سن عدد من المواد ضد المحامين أو وكلاء الشريعة المتلاعبين بالقوانين وممن يعتبرون المحاماة ليست سوى مهنة للتكسب والتربح وأشبه بممتهني عمل المقاولات لا يهمهم من تضيع حقوقهم بسبب شيطنتهم وموت ضمائرهم !!

حول الموقع

سام برس