سام برس
بورتريه الموسيقي الدكتور أنيس القليبي :
العازف الأمهر الذي يتأبط الكمان ..يروي شيئا من سيرة "عصفور عاشق"..
شمس الدين العوني
ماذا يقول القلب لسيده حيث أصوات تلون الوجود في دلال و شجن عظيمين..ماذا لو شكلت الأوتار خطاها و هي تمضي الى جهة في الروح حيث جمال و بهاء و حسن ...و بوح مبين ..ها هي اللغة الأخرى تتقصد مداها تجترح من ينابيعها شيئا من دفتر الرغبات و ايقاعات الأمكنة و الأشياء و العناصر تتقصد فكرة حالها تجاه الكائن الذي لا يطلب غير صمت و انتباه و سفر فيها و تجاهها قولا بالجواهر..جواهر الحال و التفاصيل ..
ما ذا لو كان الأمر يدعونا الى الانتشاء و الرقص و الذهاب عميقا في شواسعنا لنعيد الأشياء الى هدوئها في هذا الصخب الكوني القاتل حيث تداعيات شتى تربك الانسان و تعلي من شؤون السقوط المريع..ها هي اذن تأخذنا طوعا و كرها الى عوالمها الناعمة الطالعة من عزف و نزف ...
انها هي التي...انها موسيقى الذات من قدم في حلها و ترحالها و تعدد ألوانها لا تلوي على غير البوح باعتمالات الدواخل في كثير من الانسياب و العذوبة و العبارات الباذخة..الموسيقى لغة القلب و هو يفشي بوحه النادر مثل فراشات من ذهب الازمنة...و هكذا..

من هنا نمضي مع الموسيقى التي تخيرها صاحبنا من طفولة عابرة مقيمة في ذاته المثقلة بالأحلام تشوفا لما به تسعد الأذن و العين و ال...حواس في عنفوان احساس و حنين تجاه الماضي و ...القادم .
ها هو ..الذي أراه يحاور الكمان اجتراحا للنغمات..للموسيقى المبثوثة في حواسه متجولا في الجهات و الأمكنة لا يلوي على غير القول بالكمان آلته الساحرة يؤلف بها و معها شيئا من رغبات القلب ليسافر السامع و الناظر عندئذ الى عوالم داخله المنسية..الموسيقى المنبعثة من " الكمنجة " تنسكب في الأنفاس الطالعة من جسد أرهقته الشؤون و الشجون ..
ها هو العازف الأمهر..أنيس القليبي الذي يمشي مع الناس و الى الناس متأبطا " كمنجته " بكثير من التحنان فهي شريك شجن و بهجة و ألق..سافر وهي معه يحضنها فتحرسه و تهبه شيئا من عطورها ..
تعددت أعماله الموسيقية و مشاركاته في تونس و خارجها و قاد المجموعات العازفة و ذهب في أرض الموسيقى مشرقا و مغربا فخبر الكمان و الأسرار و باحت ذاته بالجمال الموسيقي في معزوفات رائقة ..

قدم عديد العروض في العزف على الكمنجة حيث يقول "... أنا أول عازف كمنجة في تونس يقدم عرضا كاملا من تأليفه خصيصا لالة الكمنجة..." و قد تحدث كثيرا عن علاقته بالكمنجة و عن اختياره لهذه الآلة منذ بداية مشواره مع الموسيقى ..." و في كل أحاديثه و معزوفاته و نشاطه الموسيقي هذا كان أنيس القليبي الفنان و الدكتور عاشقا متيما للكمان ..مستلهما من هذا العشق الجنوني النبيل الجميل فكرة " العصفور العاشق " التي كانت معزوفة القلب حيث يشد بها السامعين في جمال عزف بارز و حلم كامن في الحكاية و التفاصيل..
هاهو العازف يواصل اللعب العالي مع اوتار كمانه مبحرا في العوالم حيث موسيقى تطلع من أنهار قديمة و بساتين و...حكايات اخرى لا تصلح لكتب التاريخ و الروايات..انها موسيقى باذخة ...و ..فقط.
عازف مكتظ بطفولة العوالم و أصوات الأرجاء و الأمكنة لا يرتجي غير قول بليغ يبثه في النغمات فيطغى العزف و النزف ..انها موسيقى العصافير..و الطيور البعيدة........و القلب المفعم بالنشيد..و بالآه...

حول الموقع

سام برس