بقلم/ يحي القحطاني
يحتفل اليمنيون يوم الإثنين ، الموافق 14 من إكتوبر من عام 2024م، باالذكرى ال 61 لثورة 14 إكتوبر من عام 1963م، والتي قامت ضد الإستعمار البريطاني البغيض، بعد أن احتفلنا قبل أكثر من إسبوعين، بالذكرى 62 لثورة 26سبتمبر ضد نظام إمامي كهنوتي ظالم، هذه الثورتين السبتمبرية والإكتوبرية الخالدتين أنطلقتا شرارتهما، من جميع فئات أبناء الشعب اليمني شمالهم وجنوبهم، من قحطانيين وعدنانيين، بلا نزعة فئوية أو سلالية أو طائفية أو مناطقية، كل ذلك لتحقيق العزة والحرية والكرامة، والعدل والمساواة، والإنعتاق من العبودية ومن الظلم والجهل والمرض، والفقر والجوع، الذي كان منتشر في عموم مناطق اليمن، بينما كانت مدافن الدولة مليانة حبوب من جميع الأنوع، فكانتا ثورتي علم ومعرفة وتطور، وإنعتاق من العبودية والفقر والجوع، نال من خيراتهم جميع اليمنيين .

والثورتين السبتمبرية والإكتوبرية، قامتا وحجم الأميةكان في شمال اليمن أكثر من 99%، حيث كان يوجد فقط بعض المعلامات، الملحقة في المساجد في بعض القرى، لتعليم القراءة والكتابة وقرأة القرأن الكريم ليس إلا، وكان اللوح الخشبي مع الحجر الجيري، والبرسيم بديلا عن الدفتر، وصخار تنكة الضوء من السقف حق التنكة بديلا عن المداد، والقلم من اليرع بديلا عن القلم الجاف أو الرصاص، فيما كان التعليم في جنوب اليمن، مقتصرا على مستعمرة عدن فقط، أما بقية المستعمرات فحالها كان كما هوا حال المحافظات في شمال اليمن، وكان يوجد في كل محافظات الشمال 15 طبيباً، كلهم أجانب، وكان العلاج في ذلك العهد الكي بالنار أو بالشعوذة، فيما كان عدد الرهائن في بيوت الإمام وسجونه نحو أربعة آلاف، بينما كان الوضع في جنوب الوطن في المجال الصحي أحسن حالا، وكان نظام الإمام، يعتمد على وجوده وبقائه، بالتجهيل ونشر الجهل والخرافة، ومحاربة التعليم والتنوير، فيما كان الإستعمار البريطاني يركز على حكم السلاطين الظلمة و نهب الثروات والخيرات إلى بريطانيا .

ولم تكن الثورتين السبتمبرية والإكتوبرية العظيمتين أيضاً، مجرد تحول سياسي، بل كانت بداية لنهضة اجتماعية وثقافية وصحية شاملة، حيث تم بعد قيامهما، إتخاذ خطوات حقيقية نحو تحسين أوضاع الشعب، في جميع المجالات، فقد بنيت المدارس والمعاهد التعليمية والجامعات، وتم بناء المستشفيات والمراكز الصحية وتوفير الخدمات الأساسية، من مطارات وطرقات، كما شهدت البلاد تطورًا في البنية التحتية، وتوسع النشاط الاقتصادي، حيث أصبح للدولة دور أكبر، في إدارة الموارد الاقتصادية، وتنظيم العمل التجاري والزراعي .

وبعد مرور 62 عاما من عمر الثورة السبتمبرية، و61 عاما من عمر الثورة الإكتوبرية، فقد أظهرتا الثورتين 26 سبتمبر، و14 إكتوبر أنهما من أهم محطات التغيير في التاريخ اليمني، رغم التحديات الكبيرة التي واجهتهم بعد قيامهم، لأن الشعوب الحية، قادرة أن تحقق التغيير نحو الأفضل، إذا ما اجتمعت إرادتها، هذا الدرس لا يزال مهمًا للأجيال الشابة في اليمن، فاليمن اليوم بحاجة ماسة إلى روح الثورتين سبتمبري وإكتوبر لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار والتنمية، وأسس المواطنة المتساوية بديلا عن الرعية، وجعل التغيير الذي تحلم به الأجيال الجديدة، لا يختلف كثيرًا عن تلك التطلعات، التي حملها رواد الثورتين، من الحرية، والعدالة الإجتماعية، والكرامة، والمساواة، والديموقراطية، والتبادل السلمي للسلطة، وأيضاً اليمن يحتاج إلى مبادرات تخرج الناس، من تخندقهم خلف متاريس المكابدات والمناكفات، وتتجاوز كل الخلافات الصغيرة والمصالح الضيقة والمناورات، وتنتصر في النهاية للمصالح العليا لليمن، فلا يجوز أن نترك الأمور للعواصف الخارجية أو الداخلية، لكي ترسم لنا مستقبلاً لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى ملامحه، والله من وراء القصد ..!! .

حول الموقع

سام برس