
بقلم/ محمد الحيدري
قصدت مع أحد إخوتي زيارة قبر والدي في مقبرة القرية رحمة الله تغشاه، يوم عيد الأضحى الذي صادف اليوم الأربعين لوفاته، وأول عيد يمر علينا دونه - وأي غصة تتملكك وأي عبرات تفيض بها عينيك حَزَنَا وأنت تقف بجوار قبر أبيك تدعو له تارة وتناديه تارة فلا يجيبك كما كان بالأمس القريب وهو إلى جانبك في هذه الدنيا الفانية سندا وعونا.
وفي أثناء زيارتي تحركت بين القبور في اتجاهات مختلفة لأجد أن أهل قريتي صار الكثير منهم أهل تلك القبور ؛ من شيوخ وشباب وأطفال ، رجالا ونساء ..
في رسالة مفادها أن الموت لمن استوفى أجله صغيرا كان أو كبيرا وليس مقصورا على من بلغ من العمر عتيا..
تذكرت الكثير ممن كانوا بالأمس القريب بيننا ؛ آباء وأمهات أقارب وأصدقاء وأحبة، فضلاً عن أطفال رضع أخذهم الموت من أحضان أمهاتهم بعد ارتباط أمومي عاطفي يستحيل وصفه تاركاً جرحا وفراغا في قلوبهن لن يشفى ، كما أخذ الموت أطفالاً وشباباً في عمر الزهو ، وأنا أٌنَقلُ نظري من مكان إلى آخر ومن قبر إلى قبر شعرت وكأني في مضمار سباق لا معيار فيه لسن أو ذَكَر أو أنثى أو صحة أو مرض ، فقط معيار الأجل الحتمي الذي كتبه من له الخلق والأمر ، الحياة والموت ، تبارك الله رب العالمين.
وبعد رحيل عزيزٍ يبقى بداخلنا ألم اشتياق لا يتوقف ولا يفارقنا.
وأمام زحمة الراحلين في تلك المقبرة التي ضاقت بهم عدداً ، لا أدرى من التالي في هذا السباق أنا أم غيري .. فهل نتعظ !!
ربي أرجو رحمتك.