سام برس/ تونس/ شمس الدين العوني
مشهدية تشكيلية متنوعة وتجربة بخصوصياتها ضمن التفاعل الوجداني و الجمال...

يستعد رواق الفنون ببن عروس بادارة الفنانة التشكيلية نزيهة الصولي وتحت إشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بولاية بن عروس لتنظّيم المعرض الشخصي للفنان التشكيلي الكبير علي الزنايدي خلال الأيام القليلة المفبلة و ذلك ضمن النشاط الفني للموسم الجديد الذي شهد عددا من المعارض لفنانين تونسيين من مختلف التجارب و الاتجاهات الفنية ..المعرض يضم مشهدية بانورامية مفتوحة على تجربة الزنايدي من خلال الأعمال القديمة و الجديدة التي تعكس المسيرة و جهذ العقود في تجربة سيد علي الذي هو واحد من أبرز التجارب الفنية التشكيلية المعاصرة في تونس و الوطن العربي ..علي الزنايدي..

التجربة و المسيرة..هكذا يواصل الفنان التشكيلي و الخبير في الأعمال الفنية الأستاذ علي الزنايدي أنشطته المتعددة في المجال الفني الجمالي حيث يقام له هذا المعرض بعد مشاركات سابقة حيث تم عرض لوحاته بعدد من الفضاءات وفق مشاركات شرفية و تكريمية جماعية و فردية كما كان له تكريم دولي بالدورة الأخيرة من المهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية بالمحرس حيث توج باللوقو-الدرع الشرفي للمهرجان بناء على تميزه و ما قدمه من أعمال ابداعية في المشهد التشكيلي و بكلمة موجزة و معبرة قدمه الناقد و الفنان التشكيلي الدكتور فاتح بن عامر ليثمن تجربته و يبرز خصوصياتها مشيرا الى ما يميز سيد علي الزنايدي من علاقات جيدة بالفنانين و تواضعه و أخلاقه ما يجعله صاحب تجربة فنية بينة ...كما كان الفنان علي الزنايدي ضيف شرف معرض"نساء 2020" برواق السعدي حيث حضرت لوحاته في حيز من اللوحات المشاركة لفنانات تونسيات بمناسبة عيد المرأة وفق تقليد ثقافي فني يعده سنويا الفنان محمد علي السعدي في نشاط رواقه بضاحية قرطاج ..و يحضر فن الزنايدي الآن ضمن معرض فني تشكيلي بدار الثقافة بمرناق في سياق مشاركة مع الفنانين عبد المجيد بن عياد و ابراهيم العزابي و عبد المجيد بن مسعود .

و كذلك حضوره الشرفي في معرض جماعي برواق الفنون ببن عروس من خلال عدد من لوحاته الفنية و الى جانب عدد من الفنانين التشكيليين ... علي الزنايدي... فنان و تجربة... نعم ان الألوان تتكلم لتقول..بل تصرخ نشدانا للعين لترى ما به يصير المشهد عنوانا باذخا من عناوين الابداع و الامتاع في تجليات شتى يلونها السحر و الشجن المبثوث بين التفاصيل و الأجزاء..ان الفنان يظل يسابق الرياح للقبض على المعاني و كنهها الانساني و الوجداني و ألوانها الملائمة في حيز انساني يتسم بالتعميم و التعويم و نثر الضباب لتقليص البون بين الحالة و الآلة..نعم الفنان يمضي ديدنه الكشف و مساءلة العناصر و الموجودات نحتا للقيمة و تثبيتا لما نسميه السمو..انه السمو بما هو ساحر و جميل و فاتن و هام في حياتنا التي يقف على أرضها المبدعون ..الفنانون الذين لا يقنعون بغير النظر تجاه الشمس نشدانا للعلو و للقيمة..أليست الشمس مهد الكلمات..و الكلمات لباسها الألوان و الأصوات و الحلم..أنت ...أيتها الألوان الضاجة بالأصوات مثل ناي قديم..يرافقك الطفل و هو يطاردك مثل فراشات من ذهب الأزمنة..لوحات بالألوان و أخرى بالخطوط ..و الكولاج بخبرة الفنان ليصبح وجها من وجوه اللوحة جماليا ..كل ذلك وفق ايقاع فني عرف به علي الزنايدي و راح ضمنه يطور أساليب العمل و البحث و الابتكار..و الزمن في كل ذلك اطار متحرك و مفتوح..نعم..هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني..لتبرز القيمة و العلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة اطارا حرا و فسيحا لمحاورة الذات و الآخرين و العالم...من حي باب الفلة و في أجواء نهج السبخة بهدوئه و ناسه الطيبين و أزقته الشاسعة بالمحبة..و الشجن كانت الخطى الأولى حيث الطفل المتوغل في مسارب اللون و العبارة المرسومة على الملامح و في الوجوه .. من صحن الدار العربي و لمعان الجليز و الأصوات المنبعثة من السوق حيث الأمتار القليلة الفاصلة عن المدينة العربي.. من كل هذا و غيره بزغت فكرة الذهاب الجمالي في التعاطي مع القماشة منذ السبعينات..هي الرحلة المفتوحة الى الآن ..على الفن بما هو المحبة و كذلك الشجن..تجربة بينت عمقها و أصالة عناوينها لتبرز قوية و همة في تونس و الوطن العربي عموما الى جانب تجارب أخرى...من هذا الباب الذي سميناه الحلم.. ألج عوالم أحد هؤلاء الفتية المأخوذين بالفن بما هو الحلم الذي تتعدد تيماته ..حيث البساطة التي تصول و تجول في الدروب..الشوارع و الأحياء و المدن ..و البساطة هي أصعب أعمال الفنان..الفتى هو الفنان الكبير علي الزنايدي الذي اتخذ لفنه نهجا مخصوصا ضمن تجربة امتدت لأكثر من أربعة عقود تميزت بدأبها الجمالي و جديتها من حيث العمل على رصد الجميل في الحياة التونسية ..المدينة و عناصر حيويتها و حركتها المفتوحة على شتى العناوين و الألوان..هناك حميمية فارقة تطبع أعمال الزنايدي منها الحكاية المبثوثة في العمل التشكيلي بما بجعله يتجاوز القماشة الى فضاءات أخرى منها الذات المتقبلة و ما تزخر به من كيانات و أحاسيس الأمر الذي يحدث ذلك التفاعل الوجداني و الجمالي ليصير ضربا من الثقافة البصرية المتشبثة بالأصيل و الحديث لتجعل منهما جناحين للشخصية التونسية الآن و هنا..هذا الأمر يرافق أعمال الفنان التشكيلي علي الزنايدي في مختلف معارضه السابقة و الحديثة سواء في تونس أو خارجها..و هذا ما نلمسه في لوحاته ... مسحة من التجديد و عناوين شتى و تقنيات مختلفة كانت في اللوحات لتعبر عن هذا النسق الجمالي المتجدد عند الزنايدي و هو ينظر تجاه العناصر المختلفة يحاولها و يحاورها ضمن القول بالتعاطي الثقافي و الفكري و الوجداني معها ..الفنان علي يسعى لتقديم أعمال ضمن عنوان المشهدية في أشكالها المختلفة لنشاهد على اللوحات حالات من الحكايات فيها البانوراما و فيها المواضيع المحددة و لكنها تحتفي بذاتها بعيدا عن الاجترار حيث الألوان الدالة على الأعماق العربية الاسلامية و العلامات التونسية المستلهمة في الحياة الومية..حيات تنبض حركة ..و تدرج في الموضوع للوصول الى بنورامية الحالة .هكذا هو التجوال في بستان الزنايدي الفني..لتبرز القيمة و العلامة في تجربة فنان تونسي رأى في اللوحة اطارا حرا و فسيحا لمحاورة الذات و الآخرين و العالم وفق ايقاع تشكيلي هاجسه التجدد و مزيد التوغل في البيئة الثرية ..البيئة التونسية بحكاياتها و أشجانها و بمختلف رموزها و علاماتها ...و لا شيء سوى نشدان الامتاع و الابداع..قولا بالعذوبة..و السحر و الجمال الوجداني و المكاني المبثوث في الحالة و هي في عنفوان بهائها ..النادر .

هناك عشق مبثوث في تفاصيل الأعمال ..هو عشق البيئة الغنية و المتنوعة..الغنية بثقافتها و المتنوعة في ممكنات التأويل ..ان الفنان علي الزنايدي يستبطن جيدا جغرافيا المدينة و دلالات ألوانها و عطورها من حكايات و ذاكرة و مناسبات و علامات و تقاليد...ان أسلوب الزنايدي اتخذ خطه الخاص به حيث المفردة التشكيلية لا تلوي على غير القول بالعمق المرادف للبساطة وفق عنوان عام هو حميمية الفهم لحظة النظر حيث تنعدم حالة الانبهار تجاه الفنان و الانسان..انها فقط لحظة ارضاء الذات التي يحتشد فيها ذلك التراكم الثقافي و الوجداني و الشعبي بمعناه العميق..وهنا تشتغل قدرات الزنايدي..

حول الموقع

سام برس