سام برس/ تونس/ شمس الدين العوني
فكرة ملونة و سيرة تشكيلية و سفر مفتوح وفق رؤية بين التشخيصي و التجريدي...
في معرضه بدار الثقافة ابن رشيق بانوراما لمسيرته الفنية بين الأكواريل و الباستيل و الأكريليك ..

اللون هذا العنوان اللافت ضمن شواسع الفنان الحالم بالأشكال و المضامين و هو ينظر باتجاه الآخرين و العوالم يتقصد ما به تنعم الكينونة في سفرها هذا بفكرة الأسئلة و الحيرة و الذهاب عميقا نحو الأقاصي حيث الابداع بهجة لا تضاهى..

انها فسحة القول الجمالي التي تشير الى حالات من النشيد المبثوث في العناصر و التفاصيل و الأشياء تعيد للذات حيزا من بهائها الضائع في أكوان يلفها الضجيج و السرعة و الخواء المبين و هنا تكمن متعة التلوين الذي نعني من خلاله شيئا من مغامرة يعيشها فنان هام بالرسم و اللون ليقول بما انطبع لديه من العناوين و العلامات في سياق تجارب الفن التشكيلي المعاصر بتونس عبر مختلف اتجاهاتها و أجيالها ..

هكذا نمضي مع تجربة الفنان التشكيلي التونسي عيسى قويرح الذي بدأ الرحلة الفنية منذ أكثر من أربعة عقود و هو المفتون بالتجربة التونسية التي نهل منها ناحتا طريقه بكثير من الأمل و الحلم..حيث ينطلق في حديثه عن تجربته بالبدايات ليقول "... تكويني ارتبط بحب المدرسة التونسية و التأثر بها و أذكر اعجاب الفنان الكبير نورالدين الخياشي الذي أعجبته أعمالي و دعاني الى ورشته للاطلاع على أعماله كما اذكر انبهاري بالمدرسة الايطالية التي اطلعت عليها من خلال الفنان سيلفان مونتليوني ..كانت سنة 1972 و ما تلاها مجالا لتمرسي بعملي الفني للوصول الى معرضي الشخصي الأول سنة 1994 بدار الثقافة ابن رشيق بعد مشاركات متعددة لي في تظاهرات تشكيلية برادس و قليبية و القصرين ثم كانت لي معارض دورية مع مجموعة من الفنانين ..تاثرت كثيرا بالمنحى التشخيصي في الفن من خلال الخياشي و ركزت على الحياةالتقليدية التونسية حيث عدت الى طفولتي في باب الفلة أين كنا نقيم خمس عائلات في دار واحدة و كانت الحياة بيننا بسيطة و فيها الكثير من الحميمية التي تطغى على الحومة و الحي ..الرسم المائي شغل بداياتي ثم انتقلت الى الزيتي و ركزت على الرسم و هو الأساس عندي ..كان آنذاك الرسم بالقلم و الأكوارال ضمن منطلقاتي في الفن لتكون بعدها التجربة التشخيصية من خلال التركيز على العادات التونسية و هو ما جلب لأعمالي الاهتمام و جعل لها الأصداء الطيبة لدى الفنانين و الناس العاديين و قد أنجزت عديد الأعمال حسب طلبيات في مواضيع و بأحجام مختلفة ...مواضيع لوحاتي متعددة و الألوان تتغير مع كل فترة و حسب المزاج و الظروف و التأثر بالمجتمع و الأوضاع و كان ذلك خاصة بعد الثورة.

أشعر مع كل عمل فني أنجزه بمتعة تدوم معي لفترات .. و الالهام له اوقات محددة و عادة ما يكون الليل بسكونه مجال حوار مفتوح مع عمل جديد أنجزه ..الفن متعة لا تضاهى .

الرسام حين يرسم يقدم من خلال اللوحة رسالة الى المتلقي و أهم ما في ذلك أن يجد كل متلق للعمل الفني ذاته بشكل من الأشكال فالرسم هو عنفوان اللحظة في العلاقة بين الفنان و الناس ..بين الرسم و المجتمع ..."

هكذا يرى الفنان التشكيلي الحالم عيسى قويرح جوانب من خطاه في عوالم الفن التشكيلي و تلوينات من تجربته التي شهدت مشاركاته في المعارض الفنية بين المعارض الخاصة و الأخرى الجماعية ليواصل القول "...الساحة الفنية التونسية ثرية يعجبني تنوعها و خصوصياتها من فنان الى آخر و ضمن تكامل الأمر الذي يحدث حركية في مشهدنا التشكيلي التونسي..في مسيرتي أعجبت بفنانين من العالم لأذكر مثلا سلفادور دالي الذي أراه و هو يرسم ليعبر عن ذاته و شخصيته و حياته و كذلك فريدة الفنانة المكسيكية و موهوبة بشكل كبير هي تجربة معبرة عن الاصرار رغم الظروف مع الموهبة ..".

ضمن النشاطه الفني التشكيلي للفنان عيسى قويرح كان معرضه المتواصل الى الآن بدار الثقافة ابن رشيق حيث يقول عنه "...هو معرض استعادي يأتي بعد معرضي لسنة 1996 ..حوالي ربع قرن أقدم هذا المعرض و فيه بانوراما لجزء مهم من مسيرتي الفنية لنجد أعمالا فيها الأكواريل و الباستيل و الأكريليك بين التشخيصي و التجريدي...و هكذا..".
فعلا..و هكذا هي تجربة ثرية فيها التواصل و التنوع و مزيد الشغف و العمل و البحث حيث تقول كريمتهو هي فنانة تشكيلية أقامت معه معارض مشتركة في مناسبات منقضية "...انتقاله من التشخيصية الى التجريدية كان بطريقة مميزة ..هناك رؤى مختلفة في النظر الى أعماله لمست لديه فهما مهما للمعمار و الفن المعماري ..أشعر أنه يخدم الفن بقلبه بعيدا عن هواجس السوق و البيع هو يعمل بحس فيه الاتقان و يحب أن يعجب عمله المتلقين..عيسى قويرح فنان من لون و وعي مخصوصين...".

عيسى قويرح فنان تشكيلي عضو اتحاد الفنانين التونسيين منذ 1999 و سنة 1982 اشتغل في رسوم قصص الأطفال بالدار التونسية للنشر وأنجز العديد من رسوم القصص منها : حليمة للعروسي المطوي الطبعة الأولى، عاقبة الصمت لإبراهيم بن سلطان، الشاب الجسور لحمودة الشريف وعديد الرسوم الأخرى لشخصيات تاريخية تونسية... و شارك في عديد التظاهرات الفنية من أهمها مسابقة عالمية للشريط المصور بمدينة شارل لو روا البلجيكية « Charles le roi » Belgiqueسنة 1992وقد تحصل على مرتبة مشرفة واختيرت أعماله من طرف اللجنة ضمن الأعمال المرشحة لنيل الجائزة. كما أنه شارك في مسابقة لرسوم قصص الأطفال باليابان سنة 1995 و في رصيده ثلاثة معارض فردية سنتي 1994 و 1996 بدار الثقافة ابن خلدون، و سنة 1996بدار الثقافة ابن رشيق و تحصل سنة 1999 على الجائزة الثالثة في مهرجان الفنون التشكيلية برادس...و شارك بصفته كوميسار في الملتقى الدولي للفنون بصنعاء باليمن سنة 2010 و شارك بصفته كوميسار المعرض التونسي في تلمسان عاصمة ثقافية سنة 2011 و في قسنطينة عاصمة ثقافية سنة 2015 ..و شارك في معرض جماعي بقاعة الأخبار بمناسبة ذكرى ثورة جانفي 2011. و في معرض الجمعية التونسية للفنون التشكيلية بالمكتبة المعلوماتية بأريانة و في معرض جماعي بمالقا « Malaga- Espagne » بإسبانيا و في معرض جماعي برواق بن عروس بمناسبة ذكرى ثورة جانفي 2011 و في الملتقى الوطني للفن التشكيلي بالمنستيرو في المهرجان الدولي الثاني للفنون التشكيلي بالهوارية و في معرض الجهات لرسامي ولاية بن عروس بمدينة الثقافة و في المعرض السنوي في معرض اتحاد الفنانين التونسيين منذ 1999وصولا الى هذا المعرض الشخصي الثالث والاستعادي بعد 25 سنة ..

هكذا هو الفنان التشكيلي عيسى قويرح يقول بالرسم ملاذا للافصاح عن حلم دفين رافقه و هو يكتشف البياض و القماشة و الألوان ..تسافر مع لوحاته و منها ما قدمه بفضاءات العرض بدار الثقافة ابن رشيق لتأخذك المواضيع و الألوان و الأشكال في سيمفونية هي خلاصة صدى التجربة التي يواصل السير بها و معها في هذا العالم الآسر..عالم الرسم و التلوين و الجمال.

فكرة ملونة و سيرة تشكيلية و سفر مفتوح وفق رؤية و نهج تخيرهما الفنان عيسى قويرح و هو يأخذ متلقي لوحاته طوعا و كرها الى بانوراما عوالمه كما رآها و حلم ضمنها ..ان الحلم عند عيسى قويرح فيه الكثير من الطفولة لونا و شكل..بل يظل حلمه الأكبر تحويل الأمكنة الى علبة تلوين و بعنوان لافت هو الجمال.

حول الموقع

سام برس