سام برس/ تونس/ شمس الدين العوني
علاقتي بالرسم كانت منذ طفولتي .. فخالي الهادي البجاوي فنان موهوب أثر في بداياتي كثيرا..
الرسم والتلوين تعلة لبث جانب من الجمال الذي تحتاجه الذات في كل هذا الضجيج المتناثرهنا وهناك
رسمت الأبواب و المشاهد و التقاليد والمجتمع والمرأة البدوية و البورتريه و الأحوال زمن كورونا والخيول..

الرسم و التلوين منذ طفولة عابرة ظلت فكرتها شاسعة يقيم فيها الفنان حالما و راغبا بشدة في تجميل المكان ..هذا المكان القائل بالعذوبة و بالجمال في عالم متغير و تتهدده العولمة قتلا للخصائص و هدما لبهاء كامن في الذوات و التواريخ..

الفن هذا السفر الجميل القادم من أزمنة هي السعادة..سعادة النظر و الحواس و بهجة النفس و هي ترسم ما حف بها من عبارات الحنين و الجمال ..لتقول شيئا من سيرتها و هي تنظر للتفاصيل و العناصر بعين القلب ..انها فسحة اللون في مياه الزينة تقصدا لتأثيث الامكنة و الأحوال حيث العنوان اللافت هو الابداع..
هكذا نمضي مع عوالم تجربة تخيرت الذهاب عميقا في دروب الفن لتشير الى الحميمي الكامن في الدواخل بين النوستالجيا و الجمال و الأصالة و المستجد..

تعاطت فنيا مع المشاهد الزاخرة بالروح التونسية و المكان بجمالياته و حكاياته الباذخة و الطبيعة الصامتة و الحالة الكورونية حيث تغير الأحوال زمن الكوفيد لتشير كذلك الى جولنب من شؤون و شجون المرأة البدوية و هي تعمل بكد و جد زمن اللامبالاة و الضجيج كما أنها اهتمت بالبورتريه و جمالياته المقترحة في التعاطي و التلوين ..
هكذا هي عوالم الفنانة التشكيلية عواطف البجاوي العرفاوي التي رافقها الحلم بتحويل العالم الى علبة تلوين منذ صغر سنها و تواصلت مع كل ذلك و في قلبها أشياء من تجميل العالم و ممكنات ذلك التي منها الولع و الشغف و الرغبة الشديدة لأجل كون يغمره السلامو بهاء العناصر و التفاصيل..

هي من أعضاء اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين و منخرطة في جمعية الفنانين التشكيليين التونسيين الفلسطينيين و لها مشاركات متعددة في ملتقيات فنية و تشكيلية و هي تعد لمعرض خاص ..

اللوحة الفنية في تجربة الفنانة عواطف مجال للسفر و ما الرسم و التلوين سوى تعلة لبث جانب من الجمال الذي تحتاجه الذات في كل هذا الضجيج المتناثر هنا و هناك و كون محفوف بالرداءة و التداعيات المريبة..هي ترسم لترمم ما تداعى من ألق الأحوال و لتقول بأن الرسم مجال لقاء و حوار و تعارف و ابداع و امتاع قتلا للرديء و العابر و الخاوي..

عن عوالمه ع الفن و الرسم تقول الفنانة عواطف "...علاقتي بالتلوين و الرسم كانت منذ طفولتي حيث كان خالي الهادي البجاوي فنانا موهوبا أهدى ذات مرة " بورتريه " لبورقيبة رسمه بابداع و أعجبه ليمكنه من مواصلة تعليمه بال" بوزار " و لكنه غادر الى فرنسا بعد الاستقلال ليتخصص في الديكور ..هو أثر في بداياتي حيث كان كثيرا ما يحرضني على الرسم ..و رسم كل شيء...هكذا كانت بداياتي ثم أنهيت دراستي ليتغلغل حب الفن و الرسم في داخلي ..في تلك السنوات كنت في بنزرت اشارك مع التلاميذ في مسابقات في فن الرسم ..و بنزرت ألهمتني الكثير..بعد انهاء دراستي عدت للتكوين في الفن التشكيلي بانضمامي الى معهد خاص للفنون E.A.D...
تعمقت تجربتي و صرت أبحث عن لوني الخاص و قد أعجبت بتجربة الفنان الطاهر مميطا و تأثرت به ..كنت أحب الفن بصفة عامة و كانت مرحلة مهمة بالنسبة الي تعاطيت خلالها مع الفن التشخيصي ..ابحرت في عوالم الفن بكثير من الولع و أخذت الأمر بجدية .. و في هذا السياق هناك تجارب ناجحة في تونس تعاطت مع الفن بحب و تلقائية لنذكر مثلا عمار فرحات و الحبيب بوعبانة و حمدة دنيدن و غيرهم من المتألقين ..هناك تجارب ناجحة لفنانين عصاميين و لكن لهم الكثير من الموهبة و شغف الفن و العطاء و الصدق..

اشتغلت في لوحاتي على مواضيع متعددة من الأماكن و الأبواب و المشاهد و الطبيعة الميتة و التقاليد و المناسبات ثم المجتمع و المرأة الريفية و البورتريه و اهتممت كذلك بالحرفيين و خصائص ما هو أصيل و عميق في حياتنا التونسية ..اشتغلت في عديد اللوحات على عوالم و مناخات المرأة البدوية من حيث اللباس و التقاليد ..كذلك رسمت البحر بألوانه و حالاته المتعددة صخبه و سكونه و أمواجه و اهتممت بالخيول اذ رسمتها في تنوع مشهدياتها و قد لاقت هذه الأعمال اهتماما و اعجابا لدى متابعي منجزي الفني ..في بعض لوحاتي رسمت مشهديات في جزيئات و أنا أرسم حكايات حيث تتحول اللوحة الى سردية ملونة وفق ثيمات و مواضيع محددة منها المرأة البدوية و الكورونا ...و حين أرسم فاني أرى في الرسم و الفن عامة ما يشبه السفر الى عوالم مختلفة غاية في الجمال و الحنين و العمق ..هي عوالمي و هواجس و عناوين كبرى في مخيلتي ..اشتغلت على نساء سجنان و ابداعهن الفني و معاناتهن ...معارضي تعددت بين المعارض الفردية الخاصة و المعارض الجماعية في تونس و خارجها في الامارات العربية المتحدة و المغرب و الأردن و فرنسا و ألمانيا...الرسم هو غرامي و هاجسي و أسعد كثيرا بملاحظات و اعجاب جمهوري و أحباء فني و متابعي أعمالي ...

الرسم هو ملاذي و سكينتي و هو الحلم الذي نحتاجه بحب و صبر و عناد ..أرسم لتجميل العالم و ليعم السلام ..الرسم اشتغال جمالي لأجل القيم و النبل و السلام و المحبة ..سيظل الفن التشكيلي مجال تواصل و ابداع و حوار يحتاجه الانسان و العالم زمن العولمة و أتمنى الاهتمام بالفنانين و دعمهم و التفكير بجدية في متحف الأعمال الفنية و سوق الفن...".

عواطف فنانة تمضي في سفرها الفني هذا تقول بالمغامرة و الدأب و الجدية حيث اللون فكرة القلب و شغف الحال و براءة الأفعال..هي ترسم و في الآن ذاته تعلي من شأن البهاء..بهاء الأمكنة و الأحوال و التفاصيل..نحتا للقيمة و تقصدا للكامن فينا من خير و جمال و ذاكرة..

حول الموقع

سام برس