سام برس
فكرة فنان بحساسية عالية حيث الفن لديه ابداع و شهادة و بحث عن المهدد بالنسيان و الاندثار..
لوحات مقتبسة من العادات والتقاليد والحياة اليومية مع النقد والسخرية و بألوان البهجة.

شمس الدين العوني

الفن سؤال الذات و هي تلمح شيئا من تداعياتها في ليل الأكوان..الفن فكرة القلب المتجول في أمكنة أحاسيسه ..و الفن محض قلق حيث الأشياء تشهد اندثار كلماتها و معانيها ليكون التلوين عبارات مفتوحة على الدهشة تنطلق ب" لماذا " و " كيف " و " متى "..

الفن بهذه المعاني يفضي الى عوالم فيها من الوعي ما به تبدو الفكرة و هي تنحت عناوينها بكثير من البحث على هيئة من التذكر حفرا في الذاكرة و نبشا في الجواهر بغرض استعادة النظر تجاه ما مضى كي لا يضيع ..انها أهمية الفن في تجديد النظر تجاه الأشياء و الأحوال و العناصر و التفاصيل.

هكذا عن للفنان الكامن في الطفل أن يطرح السؤال تلو الآخر في مدينته الضاربة في أعماق التواريخ بكثير من الحسرة و الآه بعد سفر ليلمس شيئا من فراغ الروح و الاهمال و الضياع..

انه الضياع الحضاري حيث لا أثر يذكر لمدونة تاريخية من الآثار و المواد و الأشياء تعكس هذا الزخم الحضاري و التاريخي لمسقط الرأس.

نعني هنا المهدية و ابنها الفنان التشكيلي محمد أكرم خوجة الذي راعه بعد سفر الى مصر التي بها قاهرة المعز ما تشهده معالمها من اهتمام و وعي بالأهمية تجاهها و تعهد في حين يرى عكس ذلك في بلدته التي تروي شيئا من سيرة الفاطميين .

هكذا عاد بوعيه الفني التشكيلي الجمالي منبها هنا الى قيمة استعادة المكان و المعلم من حيث العناية و ابراز ما يشير الى العراقة و القيمة..و هكذا جاءت الفكرة المشروع من خلال هذه الحكاية التشكيلية و الجمالية و في أسلوب مرح و به الكثير من التلقائية و العمق بما يعيد للذاكرة ألقها و حضورها القوي في حاضر الناس و راهن أحوالهم و شؤونهم و شجونهم... و فواطم عنوان المعرض احالة على حقبة الدولة الفاطمية و الرسومات هي عبارة على رحلة بين الماضي و الحاضر مع توظيف لوقائع مقتبسة من الحياة اليومية و الأساطير و الخرافات و الأحداث الواقعية...

تخير الفنان خوجة هذا المعرض لهذه الحكاية حيث توزعت الأعمال الفنية على فضاء العرض برواق البالماريوم ليكون الافتتاح في ليلة رمضانية ليوم السبت 16 أفريل الجاري و ذلك بتعاون مع اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين و بلدية تونس و وزارة الشؤون الثقافية وفق عنوان لافت هو " فواطم " نسبة للدولة الفاطمية .
لوحات و مجسمات برسوم معبرة في تلوين متناسق و بكثير من الشغف الطفولي للقول بالحكاية الفاطمية بين المهدية و القاهرة حيث السقيفة الكحلة و باب زويلة و شارع المعز و المعالم الدالة هنا و هناك على الجواهر في المسيرة التاريخية..و المتجول بين مختلف الأعمال المقدمة هنا في هذا المعرض للفنان التشكيلي محمد أكرم خوجة يلمس أحساسه الدفين وعيه الجمالي التاريخي و القيمي تجاه المشترك لأجل أن لا يندثر و تسقط بالتالي جوانب من القيمة..و المجد.

المعرض يتواصل الى غاية يوم 10 ماي المقبل و سيتنقل بعد ذلك بين جهات و مدن تونسية هي سوسة و نابل و القيروان و جربة..

و عن هذه التجربة و هذا المعرض يقول الفنان محمد أكرم خوجة"...هو مشروع لمعرض متنقل بين الجهات تونس سوسة نابل القيروان جربة ...و الفكرة انطلقت من رحلة إلى مصر حين اطلعت على تاريخ الفاطميين من خلال زيارتي لشارع المعز و باب زويلة فوجدت مكانا محافظا على هندسته و رونقه و حضارته التاريخية من خلال المباني و كل شيء و عند ررجوعي الى المهدية أردت فهم لماذا حافظت مصر على القيمة التاريخية و نحن لم نعد قادرين على المحافظة على المكان التاريخي فقمت بزيارة إلى المتحف بالمهدية و من هنا بدأت أفكر جيدا في الطرح ..قمت بالاستعانة بالمنمنمات و الصور الكاريكاتورية و ثنائيات الحياة و الموت و الإنسان و الحيوان و الأرض و السماء ... استعملت عدة تقنيات من الرسم على القماش النحت الفيديو و الرسم على الأواني الفخارية ..و العمل التشكيلي على لوحات هي مقتبسة من العادات والتقاليد في الحياة اليومية بطابع نقدي و ساخر مع الاعتماد على ألوان تدخل البهجة...".

معرض ضمن بحث و فكرة لفنان بحساسية عالية حيث الفن لديه ابداع و شهادة و بحث عن المهدد بالنسيان و الاندثار في ظل الصخب و الفوضى و التداعيات المربكة.

الفنان خوجة له تجارب فنية و هو الذي تشرب من جمال المهدية و سحر بحرها ليرسمها بقلبه في أشكال متعددة و هو يدير الآن رواق الفنون علي خوجة والده الرسام الشهير الراحل ..و شارك اكرم في عديد الملتقيات الفنية التشكيلية و المعارض الجماعية فضلا عن معارضه الشخصية و الخاصة بأعماله و الى جانب ذلك هو يدير أيام للفنون التشكيلية ضمن مهرجان عيد البحر بالمهدية.

حول الموقع

سام برس