بقلم/ يحي يحي السريحي
في ذات زمن كنا نؤمن بكل شيئ ، وكنا نظن إن هذا العالم هو ما نظن ، وليس هو ما هو عليه اليوم ، لكثرة النزاعات ، والحروب ، والازمات السياسية والاقتصادية ، وتفشي ظاهرة التسول ، حتى تيقنا أن غالبية الشعب اليمني امتهن التسول ولا مهنة له غيرها ، بعد أن أوصدت أمامه أبواب المهن الاخرى ،  فالتسول اصبح أمر واقع بسبب كثرة البطالة ، وارتفاع نسبة الفقر  ، وانقطاع المرتبات لتسع سنوات ، ونظن مثلها قادمة أخرى لا محالة إذا بقي الوضع على ما هو علية ، زد على ذلك كثرة الأمراض والأوبئة المصنعة وغير المصنعة التي تمكنت من الناس لعجزهم ، ولأن بلدنا اليمن لم يكن قضية في ذلك الزمن بعد ، فقد كان لنا الشرف نحن اليمنيين أن نكون (وما زلنا ) مع كل قضايا أمتنا العربية والعالم . فمثل بحارة الازمنة الغابرة كنا ، نتلفت إلى الكرة الارضية وندورها ببطء أمامنا بحثا عن قضايا المساكين ، حتى صرنا اليوم كلنا مساكين ! بسبب الحرب وتجارها الذين يجدون فيها غناهم . كما ان  الخلافات السياسية والمذهبية قد فرقتنا ومزقت نسيج مجتمعنا ، ونال الساسة الطامعين في كراسي الحكم منا، حتى بتنا اليوم أحياء ميتين ، متدثرين بثوب الحياء ليستر عوراتنا ، فكل شيئ في اجسامنا صار عورة ، الوجة والبطن والكفين عورة ، وأنا احكي عن الرجال الاحياء الميتين ، الذين اصبحوا كاعجاز نخل خاوية .

شعب اضحى اليوم رهين المحبسين فقر من جهة وحصار من جهة أخرى ، عزائنا الوحيد اننا نعيش في كنف من نعشق ولا نقوى على فراقه مهما كان الثمن ، عشقنا ليس كعشق زليخة لجمال يوسف ، ولا عشق عبلة لعنتر ، ولا عشق قيس لليلى ، فهؤلاء عشقوا وعاشوا في هذه الحياة بحثا عن متاع الدنيا فعاشوا صغارا وماتوا صغار .

أما نحن فعشقنا أكبر واعظم ، عشقنا خالد لا يموت وأن متنا نحن ، عشقنا للوطن ، لأجله غلبتنا العاطفة على العقل ، فمع كل ما أصابنا كأن شيئا لم يكن ، أو كأن كل شيئا انتهى ، فهل فعلا انتهى ؟! لا أدري قد نصحوا يوما ونجد كل شيئ انتهى ، وعدنا للعيش في ذلك الزمن الجميل بعد أن بتنا وباتت بلادنا قضية .

حول الموقع

سام برس