سام برس
في تقديم "الذئبة التي عثرت على ظلها" تتحدث بن محمود عن غابريال ماركيز الذي قال إن "الصحافة أجمل مهنة في العالم"
شمس الدسن العوني
أعلنت الكاتبة التونسية فاطمة بن محمود عن أحدث إصداراتها وهو كتاب في حجم متوسط اختارت له عنوان "بالحبر الفاطمي" عن دار خريّف للنشر يضم 318 صفحة.
في عتبة الإهداء اختارت بن محمود أن تهدي هذا الكتاب إلى روح أمها و إلى روح صديقها الصحفي ناظم هاني الذي وافته المنية أثناء مشاركته لأخر برنامج ثقافي في مسيرته الإعلامية الزاخرة، حمل الكتاب عنوان أحد الزوايا التي كانت تكتبها في احدى الصحف التونسية.

تجربة في الإعلام الورقي و الإذاعي:

في تقديمها للكتاب أشارت بن محمود أنها اختارت أن تجمّع تجربتها في الاعلام التونسي في هذا الكتاب الذي يضم في جانب منه بعض المقالات التي كتبتها في إطار تأثيها لزوايا كانت تكتبها في الصحافة التونسية حملت عناوين متعددة هي "قطرة ضوء" و"بالحبر الفاطمي" و"فاطميات". إضافة إلى تجربتها في الإعلام الإذاعي من خلال اعداد و تقديم عدة برامج إذاعية في اذاعة تونس الثقافية (إذاعة حكومية) تحت عناوين مختلفة آخرها كان المساهمة في إنتاج برنامج إذاعي بعنوان "بكل هدوء" مع فقيد الإذاعة الصُحفي ناظم هاني، و قد كانت بن محمود تتكفل بتقديم الافتتاحية في هذا البرنامج الأسبوعي المتنوع.

الذئبة التي عثرت على ظلها:

في تقديم الكتاب الذي اختارت له عنوان "الذئبة التي عثرت على ظلها" تتحدث بن محمود عن تجربتها الإعلامية فانطلقت من تجربة الروائي العالمي غابريال ماركيز الذي قال إن "الصحافة أجمل مهنة في العالم" لأنها تساعد الروائيين على الانتقال من الواقعي الى الخيالي كما أنها أشارت الى نجيب محفوظ الذي عَبَرَ من الأدب إلى الصحافة لتقول الكاتبة بن محمود أنها جاءت إلى الصحافة من باب الأدب لذلك استفادت كثيرا من تجربتها الاعلامية من أجل تغذية شغفها الأدبي عندما تعلّمت أن كل مقالة هي بالأساس فكرة و هدف وأسلوب، يعني أنها تدربت في الصحافة على الأسئلة التالية: ماذا أكتب؟ كيف أكتب؟ و لمن أكتب؟ وهو ما أنار لها طريقها الأدبي لتجعل من كل قصيدة أو رواية تحمل فكرة و لها أسلوب و تنجح في استفزاز القارئ و التواصل معه . هذا يعني أن الكتابة الصحفية لم تكن مجرد نقل خبر عند بن محمود بل كانت تعبير عن موقف من الحياة، لهذا خَلُصت أن الصحافة أجمل عتبة في العالم للدخول إلى الكتابة الأدبية.
لعل أهم ما يلفت انتباه في هذه المقالات أنها جاءت لتُعبّر عن نبض المجتمع التونسي و عما يحدث في العالم أيضا لذلك تناولت مواضيع عديدة مثل الدخول الثقافي و الهجرة غير الشرعية و عالم الجريمة و الاحتفالات الدينية اضافة إلى المعارك الأدبية والتعابير الثقافية مثل الموسيقى و غيرها و موت المبدع "العضوي" و الحرب في غزة الخ..

شهادة عن المجتمع:

اللافت في كل هذه المقالات الخيط الناظم الذي يجمع بينها و يتمثل في الخلفية الثقافية التي كانت تنطلق منها بن محمود باعتبار إيمانها أن الثقافة هي الضامن لتنمية عادلة في البلاد و العجلة الأساسية التي تحتاجها الشعوب التي تروم النهوض واللحاق بركب البلدان المتقدمة، بمعنى أن بن محمود في كل هذه المقالات كانت تجعل من المواضيع الأدبية محمل للتعبير عن أفكارها و مواقفها من مختلف الظواهر التونسية و العربية و العالمية أي أن هذا الكتاب يُعَبّر عن شهادة عن مرحلة مهمة في تاريخ تونس و العالم وهو أيضا نبض المثقف المبدع الذي يحمل هواجسه و أسئلته في الحراك الإجتماعي و العالمي.
تقول بن محمود على ظهر الكتاب "إذا اعتبرنا أن لكتابة الذات صلة وثيقة بمختلف النصوص الإبداعية التي ترتكز على الهُوية مثل السيرة الذاتية والمذكرات واليوميات و السيرة الذاتية و غيرها، فإنه يمكن اعتبار هذه المقالات الصحفية أيضا أداة لمقاربة الذات في مختلف آرائها ومواقفها و انشغالاتها و التي لا تقطع مع السيرة الذاتية بل تعبّر عن جانب مهم منها". هذا ما يجعلنا نقول إن هذا الكتاب يمثّل شاهدا على الذات في تفكيرها و شهادة على المجتمع في حراكه.

خطوة في الطريق:

من عناوين المقالات في هذا الكتاب نجد "الثقافة وصناعة الأحلام" و"الفضاء العام بين الخرافة والابداع" و"الحرب و الأطفال" و"الترجمة من الإبداع إلى المأزق" و"الحب طريق للخلود" و"في مديح الحياة" و"عندما نشتري السعادة" و "في بيتنا كتاب" الخ..

فاطمة بن محمود اسم أدبي له حضوره في المشهد الأدبي التونسي خاصة و العربي عامة و لها اصدارات أدبية مختلفة في الشعر و القصة القصيرة جدا و الرواية و أدب اليوميات من بينها "ما لم يقله القصيد" و "الوردة التي لأ أسميها" و"زمن الغبار" و "الملائكة لا تطير" و "رغبة أخرى لا تعنيني" و"من ثقب الباب" و "صديقتي قاتلة"، هذا الكتاب رقم 17 ضمن منجزها الإبداعي المتنوع.

حول الموقع

سام برس