بقلم/د عمر أفلح
تهامة جنوب محافظة الحديدة تلك المنطقة التي عُرفت بجمال طبيعتها وتاريخها العريق، تعرضت مؤخراً لكارثة طبيعية خلفتها السيول الجارفة والأمطار الغزيرة. فقد أدت هذه الكارثة إلى أضرار جسيمة طالت السكان والبنية التحتية على حد سواء، تاركة وراءها مشاهد مؤلمة من الدمار والخسائر.

حيث خلال الأيام الماضية، شهدت مناطق تهامة موجة من غزارة الامطار و السيول التي اجتاحت القرى والمزارع، مما أسفر عن وفاة العديد من المواطنين، ونفوق عدد كبير من الحيوانات من أغنام ومواشي وأبقار، والتي تشكل العمود الفقري لاقتصاد هذه المناطق الزراعية والرعوية. لم تقف الخسائر عند هذا الحد، بل تسببت السيول في تدمير المنازل وجرف الأراضي الزراعية، مما أدى إلى تشريد العائلات وتفاقم معاناتهم اليومية.

المشهد في تهامة كان ومازال مأساويًا، حيث لقي عدد من المواطنين مصرعهم جراء السيول، كما أن عائلات كثيرة وجدت نفسها فجأة بلا مأوى. المزارعون الذين يعانون أصلاً من ظروف معيشية صعبة، باتوا اليوم في وضع أكثر حرجًا بعد أن فقدوا أراضيهم الزراعية وحيواناتهم. إضافة إلى ذلك، فإن العديد من الطرقات والبنية التحتية تعرضت لأضرار جسيمة، ما زاد من عزلة هذه المناطق وجعل من الصعب إيصال المساعدات إليها.

في ظل هذه الأوضاع المأساوية، أصبح لزاماً على الجهات المعنية أن تتدخل بسرعة لتقييم حجم الأضرار والعمل على تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للمتضررين. لقد بات من الضروري أن تكون هناك استجابة سريعة وشاملة لتقديم العون للأسر المتضررة، سواء من خلال توفير المأوى أو المواد الغذائية الأساسية، وكذلك تقديم الرعاية الصحية العاجلة للمصابين والمتضررين من هذه الكارثة.

إن معاناة أهالي تهامة تستدعي منا جميعاً، مسؤولين ومواطنين، الوقوف بجانبهم في هذه اللحظات الحرجة. فمن المؤلم أن نرى أشقاءنا في تلك المناطق وهم يعانون من ويلات الطبيعة دون دعم كافٍ أو استجابة فورية تخفف عنهم وطأة هذه الكارثة. إن مواساة أهالي الضحايا وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم أمر لا بد منه، وهو أقل ما يمكن تقديمه في مثل هذه الظروف الصعبة.

كما أن نفوق الحيوانات، الذي يمثل خسارة كبيرة للأسر التي تعتمد على الزراعة والرعي كمصدر رئيسي للعيش، يتطلب تدخل الجهات المعنية لتعويض المزارعين والرعاة عن خسائرهم وتقديم المساعدات اللازمة لهم لإعادة بناء حياتهم من جديد. إن هذه الكارثة ليست مجرد حدث عابر، بل هي أزمة حقيقية تتطلب جهوداً كبيرة وتنسيقاً بين مختلف الجهات لإعادة الأمل إلى قلوب المتضررين.

في هذا السياق، نعرب من موقع سام برس عن أعمق المواساة لأسر الضحايا الذين فقدوا أحباءهم في هذه الكارثة. كما نعبّر عن تعاطفنا الكبير مع جميع العائلات التي تعرضت لفقدان ممتلكاتها ومصدر رزقها. إن الألم الذي تعانيه هذه الأسر اليوم يجب أن يكون محل اهتمام الجميع، ومن الضروري أن نقف صفًا واحدًا لتقديم الدعم والمساندة لهم في هذه الأوقات العصيبة.

مخاوف مستمرة

وفي ظل هذه الأوضاع الصعبة جراء السيول وما خلفته، تزداد المخاوف من تواصل الأمطار التي قد تفاقم الأزمة الإنسانية ومعها تتسع رقعة المناطق المتضررة، لاسيما وقد طال مناطق شمال غربي تعز أيضا جانب من هذه السيول، إلى جانب انعدام أو محدودية الجهود الإغاثية لإنقاذ ومساعدة الأهالي في الريف يفقد كثيرا من الخدمات الأساسية أصلا على مدى السنوات السابقة

كما لابد ان تسلط هذه الكارثة الضوء على الحاجة الماسة إلى وضع خطط طوارئ فعالة للتعامل مع الكوارث الطبيعية في المستقبل. ينبغي أن تشمل هذه الخطط بناء السدود وتحسين البنية التحتية في المناطق الأكثر عرضة للسيول، بالإضافة إلى تطوير نظم إنذار مبكر لتحذير السكان من المخاطر المحتملة.

ختامًا، تظل تهامة رمزًا للصمود والتحدي، ولكنها اليوم تحتاج إلى دعمنا جميعًا لتجاوز هذه المحنة. دعونا نتكاتف لمساعدة إخواننا في هذه المناطق على النهوض من جديد، فالمسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا.

واخيرا نناشد الحكومة والجهات ذات العلاقة بسرعة التحرك لتقييم حجم الأضرار والعمل على مساعدة المتضررين بكل السبل الممكنة. لقد أثبتت هذه الكارثة أن الطبيعة قد تكون قاسية، لكن يبقى الإنسان هو القادر على تجاوز المحن بصبره وتكاتفه. نسأل الله أن يرحم المتوفين ويشفي المصابين، وأن يعوض أهالي تهامة عما فقدوه ويمنحهم القوة لتجاوز هذه المحنة.

حول الموقع

سام برس